[١٦] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ﴾ [القمر: ١٦] أَيْ إِنْذَارِي، قَالَ الْفَرَّاءُ: الْإِنْذَارُ وَالنُّذُرُ مَصْدَرَانِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَنْذَرْتُ إِنْذَارًا وَنُذُرًا، كَقَوْلِهِمْ أَنْفَقْتُ إِنْفَاقًا وَنَفَقَةً، وَأَيْقَنْتُ إِيقَانًا وَيَقِينًا، أُقِيمَ الِاسْمُ مَقَامَ الْمَصْدَرِ.
[١٧] ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا﴾ [القمر: ١٧] سهلنا، ﴿الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ [القمر: ١٧] لِيُتَذَكَّرَ وَيُعْتَبَرَ بِهِ، وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَسَّرْنَاهُ لِلْحِفْظِ وَالْقِرَاءَةِ، وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ يُقْرَأُ كُلُّهُ ظَاهِرًا إِلَّا الْقُرْآنَ.
﴿فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ﴾ [القمر: ١٧] مُتَّعِظٍ بِمَوَاعِظِهِ. ١٨،
[١٩] ﴿كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا﴾ [القمر: ١٨ - ١٩] شَدِيدَةَ الْهُبُوبِ، ﴿فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ﴾ [القمر: ١٩] شَدِيدٍ دَائِمِ الشُّؤْمِ، اسْتَمَرَّ عَلَيْهِمْ بِنَحْوِ سَنَةٍ فَلَمْ يُبْقِ مِنْهُمْ أحد إِلَّا أَهْلَكَهُ، قِيلَ: كَانَ ذَلِكَ يَوْمُ الْأَرْبِعَاءِ فِي آخِرِ الشَّهْرِ.
[٢٠] ﴿تَنْزِعُ النَّاسَ﴾ [القمر: ٢٠] تَقْلَعُهُمْ ثُمَّ تَرْمِي بِهِمْ عَلَى رؤوسهم فَتَدُقُّ رِقَابَهُمْ.
وَرُوِيَ أَنَّهَا كَانَتْ تَنْزِعُ النَّاسَ مِنْ قُبُورِهِمْ، ﴿كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ﴾ [القمر: ٢٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أُصُولُهَا، وَقَالَ الضحاك: أوراك نخل.
﴿مُنْقَعِرٍ﴾ [القمر: ٢٠] منقلع مِنْ مَكَانِهِ سَاقِطٍ عَلَى الْأَرْضِ وَوَاحِدُ الْأَعْجَازِ عَجُزٍ، مِثْلَ عَضُدٍ وَأَعْضَادُ، وَإِنَّمَا قَالَ: (أَعْجَازُ نَخْلٍ) وَهِيَ أُصُولُهَا الَّتِي قُطِّعَتْ فُرُوعُهُا لأن الريح كانت تبين رؤوسهم مِنْ أَجْسَادِهِمْ، فَتُبْقِي أَجْسَادُهُمْ بِلَا رؤوس.
[٢١ - ٢٣] ﴿فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ - وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ - كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ﴾ [القمر: ٢١ - ٢٣] بِالْإِنْذَارِ الَّذِي جَاءَهُمْ بِهِ صَالِحٌ.
[٢٤] ﴿فَقَالُوا أَبَشَرًا﴾ [القمر: ٢٤] آدميا، ﴿مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ﴾ [القمر: ٢٤] وَنَحْنُ جَمَاعَةٌ كَثِيرَةٌ وَهُوَ وَاحِدٌ، ﴿إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ﴾ [القمر: ٢٤] خَطَأٍ وَذَهَابٍ عَنِ الصَّوَابِ، ﴿وَسُعُرٍ﴾ [القمر: ٢٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَذَابٌ.
وَقَالَ الْحَسَنُ: شِدَّةُ عَذَابٍ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: عَنَاءٌ، يَقُولُونَ: إِنَّا إِذًا لَفِي عَنَاءٍ وَعَذَابٍ مِمَّا يَلْزَمُنَا مِنْ طَاعَتِهِ.
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: هُوَ جَمْعُ سَعِيرٍ.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: جُنُونٌ، يُقَالُ نَاقَةٌ مَسْعُورَةٌ إِذَا كَانَتْ خَفِيفَةَ الرَّأْسِ هَائِمَةً عَلَى وجهها.
وقال وهب: وسعر: أبعد عن الحق.
[٢٥] ﴿أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ﴾ [القمر: ٢٥] أأنزل، الذكر: الوحي، ﴿عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ﴾ [القمر: ٢٥] بَطِرٌ مُتَكَبِّرٌ يُرِيدُ أَنْ يَتَعَظَّمَ عَلَيْنَا بِادِّعَائِهِ النُّبُوَّةِ، وَالْأَشَرُ الْمَرَحُ والتجبر.
[٢٦] ﴿سَيَعْلَمُونَ﴾ [القمر: ٢٦] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ: (سَتَعْلَمُونَ)، بِالتَّاءِ عَلَى مَعْنَى قَالَ صَالِحٌ لَهُمْ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، يَقُولُ الله تعالى: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا﴾ [القمر: ٢٦] حِينَ يَنْزِلُ بِهِمُ الْعَذَابُ.
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَذِكْرُ الْغَدِ لِلتَّقْرِيبِ عَلَى عَادَةِ النَّاسِ، يَقُولُونَ: إِنَّ مَعَ الْيَوْمِ غَدًا، ﴿مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾ [القمر: ٢٦]
[٢٧] ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ﴾ [القمر: ٢٧] أَيْ بَاعِثُوهَا وَمُخْرِجُوهَا مِنَ الْهَضْبَةِ التي سألوا أن يخرجها منها، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَعَنَّتُوا عَلَى صَالِحٍ، فَسَأَلُوهُ أَنْ