[٤٧] ﴿وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ﴾ [الواقعة: ٤٧] قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَنَافِعٌ وَالْكِسَائِيُّ وَيَعْقُوبُ (أَئِذَا) مُسْتَفْهِمًا، (إِنَّا) بِتَرْكِهِ، وقرأ الآخرون بالاستفهام فيهما.
[قوله تعالى ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ] لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ...
[٤٨ - ٥٥] ﴿أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ - قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ - لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ - ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ - لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ - فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ - فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ - فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ﴾ [الواقعة: ٤٨ - ٥٥] وَ (الْهِيمُ) الْإِبِلُ الْعِطَاشُ، قَالَ عِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ: الْهُيَامُ دَاءٌ يُصِيبُ الْإِبِلَ لَا تُرْوَى مَعَهُ وَلَا تَزَالُ تَشْرَبُ حَتَّى تَهْلَكَ.
يُقَالُ: جَمَلٌ أَهْيَمُ، وَنَاقَةٌ هَيْمَاءُ، وَالْإِبِلُ هِيمٌ.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَابْنُ عُيَيْنَةَ: (الْهِيمُ) الْأَرْضُ السَّهْلَةُ ذَاتُ الرَّمْلِ.
[٥٦] ﴿هَذَا نُزُلُهُمْ﴾ [الواقعة: ٥٦] يَعْنِي مَا ذُكِرَ مِنَ الزَّقُّومِ وَالْحَمِيمِ، أَيْ رِزْقُهُمْ وَغِذَاؤُهُمْ وَمَا أعد لهم، ﴿يَوْمَ الدِّينِ﴾ [الواقعة: ٥٦] يَوْمَ يُجَازَوْنَ بِأَعْمَالِهِمْ، ثُمَّ احْتَجَّ عليهم في البعث:
[٥٧] فقال تعالى: ﴿نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ﴾ [الواقعة: ٥٧] قَالَ مُقَاتِلٌ: خَلَقْنَاكُمْ وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ذَلِكَ، ﴿فَلَوْلَا﴾ [الواقعة: ٥٧] فهلا ﴿تُصَدِّقُونَ﴾ [الواقعة: ٥٧] بالبعث.
[٥٨] ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ﴾ [الواقعة: ٥٨] تَصُبُّونَ فِي الْأَرْحَامِ مِنَ النُّطَفِ. ٥٩،
[٦٠] ﴿أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ﴾ [الواقعة: ٥٩] يعني أأنتم تخلقون مَا تُمْنُونَ بَشَرًا، ﴿أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ - نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ﴾ [الواقعة: ٥٩ - ٦٠] قَالَ مُقَاتِلٌ: فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْلُغُ الْهَرَمَ وَمِنْكُمْ مَنْ يَمُوتُ صَبِيًّا وَشَابًّا.
وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَقْدِيرُهُ إِنَّهُ جَعَلَ أَهْلَ السَّمَاءِ وَأَهْلَ الْأَرْضِ فِيهِ سَوَاءً، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ مَعْنَى (قَدَّرْنَا) : قَضَيْنَا.
﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ [الواقعة: ٦٠] بمغلومين عَاجِزِينَ عَنْ إِهْلَاكِكُمْ وَإِبْدَالِكُمْ بِأَمْثَالِكُمْ فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
[٦١] ﴿عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ﴾ [الواقعة: ٦١] يَعْنِي نَأْتِي بِخَلْقٍ مِثْلِكُمْ بَدَلًا منكم، ﴿وَنُنْشِئَكُمْ﴾ [الواقعة: ٦١] نَخْلُقُكُمْ ﴿فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الواقعة: ٦١] الصُّوَرِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: فِي أَيِّ خَلْقٍ شِئْنَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَيْ نُبَدِّلَ صِفَاتَكُمْ فَنَجْعَلَكُمْ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ كَمَا فَعَلْنَا بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، يَعْنِي: إِنْ أَرَدْنَا أَنْ نَفْعَلَ ذَلِكَ مَا فَاتَنَا ذَلِكَ.
وَقَالَ سعيد بن المسيب: فيما لَا تَعْلَمُونَ يَعْنِي فِي حَوَاصِلِ طَيْرٍ سُودٍ تَكُونُ بِبَرَهُوتَ كَأَنَّهَا الْخَطَاطِيفُ.
وبَرَهُوتُ: وَادٍ بِالْيَمَنِ.
[٦٢] ﴿وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى﴾ [الواقعة: ٦٢] الْخِلْقَةَ الْأُولَى وَلَمْ تَكُونُوا شَيْئًا.
﴿فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٦٢] أَنِّي قَادِرٌ عَلَى إِعَادَتِكُمْ كَمَا قَدَرْتُ عَلَى إِبْدَائِكُمْ.
[٦٣] ﴿أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ﴾ [الواقعة: ٦٣] يَعْنِي: تُثِيرُونَ مِنَ الْأَرْضِ وَتُلْقُونَ فِيهَا مِنَ الْبَذْرِ.
[٦٤] ﴿أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ﴾ [الواقعة: ٦٤] تنبتونه، ﴿أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ﴾ [الواقعة: ٦٤] الْمُنْبِتُونَ.
[٦٥] ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا﴾ [الواقعة: ٦٥] قال عطاء: نبتا لَا قَمْحَ فِيهِ، وَقِيلَ: هَشِيمًا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي مَطْعَمٍ وغذاء، ﴿فَظَلْتُمْ﴾ [الواقعة: ٦٥] وَأَصْلُهُ فَظَلَلْتُمْ، حُذِفَتْ إِحْدَى اللَّامَيْنِ تخفيفا.
﴿تَفَكَّهُونَ﴾ [الواقعة: ٦٥] تَتَعَجَّبُونَ بِمَا نَزَلَ بِكُمْ فِي زَرْعِكُمْ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَالْكَلْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ.
وَقِيلَ: تَنْدَمُونَ عَلَى نَفَقَاتِكُمْ، وَهُوَ قَوْلُ يَمَانٍ، نَظِيرُهُ: ﴿فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا﴾ [الْكَهْفِ: ٤٢] وَقَالَ الْحَسَنُ: تَنْدَمُونَ عَلَى مَا سَلَفَ مِنْكُمْ مِنَ الْمَعْصِيَةِ الَّتِي أَوْجَبَتْ تِلْكَ الْعُقُوبَةَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: تَتَلَاوَمُونَ.
وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: تَحْزَنُونَ.
قَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ تَلَهُّفٌ عَلَى مَا فَاتَ وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: تَفَكَّهَتْ أي: تنعمت، وتفكهت أي: حزنت.
[٦٦] ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ [الواقعة: ٦٦] قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ (أَئِنَّا) بِهَمْزَتَيْنِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ عَلَى الضم، وَمَجَازُ الْآيَةِ فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ وَتَقُولُونَ إِنَّا لَمُغْرَمُونَ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ: لموقع (١). بِنَا.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وُقُتَادَةُ: معذبون، والغرام: العذاب.
وقال
_________
(١) في نسخة: (لمولع بنا).


الصفحة التالية
Icon