رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَفَرِّقًا نُجُومًا.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا.
وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: أَرَادَ مَنَازِلَهَا.
وَقَالَ الْحَسَنُ: أَرَادَ انْكِدَارَهَا وَانْتِثَارَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
[قوله تعالى إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ لَا يَمَسُّهُ] إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ...
[٧٦ - ٧٧] ﴿وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ - إِنَّهُ﴾ [الواقعة: ٧٦ - ٧٧] يَعْنِي هَذَا الْكِتَابَ وَهُوَ مَوْضِعُ القسم، ﴿لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ [الواقعة: ٧٧] عَزِيزٌ مَكْرَمٌ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ.
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَعَانِي: الْكَرِيمُ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُعْطِيَ الْخَيْرَ الْكَثِيرَ.
[٧٨] ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾ [الواقعة: ٧٨] مَصُونٍ عِنْدَ اللَّهِ فِي اللَّوْحِ المحفوظ من الشياطين.
[٧٩] ﴿لَا يَمَسُّهُ﴾ [الواقعة: ٧٩] أَيْ ذَلِكَ الْكِتَابَ الْمَكْنُونَ، ﴿إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ [الواقعة: ٧٩] وهم الملائكة الموصوفون بالطهارة، وَرَوَى حَسَّانُ عَنِ الْكَلْبِيِّ قَالَ: هُمُ السَّفَرَةُ الْكِرَامُ الْبَرَرَةُ.
وَرَوَى محمد بن الفضل عَنْهُ: لَا يَقْرَؤُهُ إِلَّا الْمُوَحِّدُونَ.
قَالَ عِكْرِمَةُ: وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَنْهَى أَنْ يُمَكَّنَ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.
قَالَ الْفَرَّاءُ: لَا يَجِدُ طَعْمَهُ وَنَفْعَهُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِهِ.
وَقَالَ قَوْمٌ: مَعْنَاهُ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ مِنَ الْأَحْدَاثِ وَالْجَنَابَاتِ.
وَظَاهِرُ الْآيَةِ نَفْيٌ وَمَعْنَاهَا نَهْيٌ، قَالُوا: لَا يَجُوزُ لِلْجُنُبِ وَلَا لِلْحَائِضِ وَلَا الْمُحْدِثِ حَمْلُ الْمُصْحَفِ وَلَا مَسُّهُ، وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَسَالِمٍ وَالْقَاسِمِ وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ.
وَقَالَ الْحَكَمُ وَحَمَّادُ وَأَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ لِلْمُحْدِثِ والجنب حمل المصحف ومسه بغلاف، والأول قول أكثر الفقهاء.
[٨٠] ﴿تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الواقعة: ٨٠] أَيِ الْقُرْآنُ مُنَّزَّلٌ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، سُمِّيَ الْمُنَّزَّلُ تَنْزِيلًا عَلَى اتِّسَاعِ اللُّغَةِ؟ كَمَا يُقَالُ لِلْمَقْدُورِ قَدْرٌ وَلِلْمَخْلُوقِ خَلْقٌ.
[٨١] ﴿أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ﴾ [الواقعة: ٨١] يعني القرآن، ﴿أَنْتُمْ﴾ [الواقعة: ٨١] يا أهل مكة، ﴿مُدْهِنُونَ﴾ [الواقعة: ٨١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُكَذِّبُونَ.
وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: كَافِرُونَ، نَظِيرُهُ: ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [الْقَلَمِ: ٩] وَالْمُدْهِنُّ وَالْمُدَاهِنُ الْكَذَّابُ وَالْمُنَافِقُ، وَهُوَ مِنَ الْإِدْهَانِ وَهُوَ الْجَرْيُ فِي الْبَاطِنِ عَلَى خِلَافِ الظَّاهِرِ، هَذَا أَصْلُهُ ثُمَّ قِيلَ لِلْمُكَذِّبِ مُدْهِنٌ وَإِنْ صَرَّحَ بِالتَّكْذِيبِ وَالْكُفْرِ.
[٨٢] ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ﴾ [الواقعة: ٨٢] حَظَّكُمْ وَنَصِيبَكُمْ مِنَ الْقُرْآنِ، ﴿أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ [الواقعة: ٨٢] قَالَ الْحَسَنُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: خَسِرَ عَبْدٌ لَا يَكُونُ حَظُّهُ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ إِلَّا التَّكْذِيبَ بِهِ.
وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: مَعْنَاهُ وَتَجْعَلُونَ شُكْرَكُمْ أَنَّكُمْ تَكْذِبُونَ.
وَقَالَ الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ: إِنَّ مِنْ لُغَةِ أَزِدِ شَنُوءَةَ: مَا رَزَقَ فُلَانٌ بِمَعْنَى مَا شَكَرَ وَهَذَا فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالْأَنْوَاءِ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ إِذَا مُطِرُوا: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَلَا يَرَوْنَ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقِيلَ لَهُمْ: أَتُجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَيْ شُكْرَكُمْ بِمَا رُزِقْتُمْ يَعْنِي شُكْرَ رزقكم التكذيب، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.


الصفحة التالية
Icon