[٥] قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ﴾ [القلم: ٥] فَسَتُرَى يَا مُحَمَّدُ وَيَرَوْنَ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ إِذَا نَزَلَ بِهِمُ العذاب.
[٦] ﴿بِأَيِّيكُمُ الْمَفْتُونُ﴾ [القلم: ٦] قيل معناه بأيكم المجنون. فالمفتون مفعول بمعنى المصدر، وَقِيلَ: الْبَاءُ بِمَعْنَى (فِي) مَجَازُهُ: فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ فِي أَيِّ الْفَرِيقَيْنِ الْمَجْنُونُ فِي فَرِيقِكَ أَمْ فِي فريقهم؟ وقيل: بأيكم المفتون وهو الشيطان الَّذِي فُتِنَ بِالْجُنُونِ، وَهَذَا قَوْلُ مجاهد. وقال آخرون: الباء فيه زَائِدَةٌ مَعْنَاهُ: أَيُّكُمُ الْمَفْتُونُ؟ أَيِ الْمَجْنُونُ الَّذِي فُتِنَ بِالْجُنُونِ، وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ.
[٧] ﴿إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ - فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ﴾ [القلم: ٧ - ٨] يَعْنِي مُشْرِكِي مَكَّةَ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَهُ إِلَى دِينِ آبَائِهِ فَنَهَاهُ أَنْ يُطِيعَهُمْ.
[٩] ﴿وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ﴾ [القلم: ٩] قال الضحاك: لو تكفرون فيكفرون. وقال الْكَلْبِيُّ: لَوْ تَلِينُ لَهُمْ فَيَلِينُونَ لَكَ. قَالَ الْحَسَنُ: لَوْ تُصَانِعُهُمْ في دينك فيصانعون فِي دِينِهِمْ. قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: لَوْ تُنَافِقُ وَتُرَائِي فَيُنَافِقُونَ.
[١٠] ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ﴾ [القلم: ١٠] كَثِيرِ الْحَلِفِ بِالْبَاطِلِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ. وَقِيلَ. الْأُسُودُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ: وَقَالَ عطاء: الأخنس بن شريق. قوله: ﴿مَهِينٍ﴾ [القلم: ١٠] ضَعِيفٍ حَقِيرٍ قِيلَ: هُوَ فَعِيلٌ مِنَ الْمَهَانَةِ وَهِيَ قِلَّةُ الرَّأْي وَالتَّمْيِيزِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كَذَّابٌ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ إِنَّمَا يَكْذِبُ لِمَهَانَةِ نَفْسِهِ عليه.
[١١] ﴿هَمَّازٍ﴾ [القلم: ١١] مُغْتَابٍ يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ بِالطَّعْنِ والغيبة، وقال الْحَسَنُ: هُوَ الَّذِي يَغْمِزُ بِأَخِيهِ فِي الْمَجْلِسِ، كَقَوْلِهِ (هُمَزَةٍ) ﴿مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ﴾ [القلم: ١١] قَتَّاتٍ يَسْعَى بِالنَّمِيمَةِ بَيْنَ النَّاسِ ليفسد بينهم.
[١٢] ﴿مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ﴾ [القلم: ١٢] بِخَيْلٍ بِالْمَالِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ أَيْ لِلْإِسْلَامِ يَمْنَعُ وَلَدَهُ وَعَشِيرَتَهُ عَنِ الْإِسْلَامِ، يَقُولُ: لَئِنْ دَخَلَ وَاحِدٌ مِنْكُمْ فِي دِينِ مُحَمَّدٍ لَا أَنْفَعُهُ بِشَيْءٍ أبدا. ﴿مُعْتَدٍ﴾ [القلم: ١٢] ظلوم يتعدي الحق، ﴿أَثِيمٍ﴾ [القلم: ١٢] فاجر.
[١٣] ﴿عُتُلٍّ﴾ [القلم: ١٣] الْعُتُلُّ: الْغَلِيظُ الْجَافِي. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الْفَاحِشُ الْخُلُقِ، السَّيِّئُ الْخُلُقِ. قَالَ الْفَرَّاءُ: هُوَ الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ فِي الْبَاطِلِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الشَّدِيدُ فِي كَفْرِهِ، وَكُلُّ شَدِيدٍ عِنْدَ الْعَرَبِ عُتُلٌّ، وَأَصْلُهُ مِنَ العتل وهو الدفع بالعنف ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ [القلم: ١٣] أَيْ مَعَ ذَلِكَ يُرِيدُ مَعَ ما وصفناه به، ﴿زَنِيمٍ﴾ [القلم: ١٣] وَهُوَ الدَّعِيُّ الْمُلْصَقُ بِالْقَوْمِ، وَلَيْسَ منهم، قال عطاء كن ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ مَعَ هَذَا هُوَ دَعِيٌّ فِي قُرَيْشٍ وَلَيْسَ مِنْهُمْ. قَالَ مُرَّةُ الْهَمْدَانِيُّ: إِنَّمَا ادَّعَاهُ أَبُوهُ بَعْدَ ثَمَانِي عَشْرَةَ سَنَةً. وَقِيلَ: الزَّنِيمُ الَّذِي لَهُ زَنَمَةٌ كَزَنَمَةِ الشَّاةِ. وَرَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ في هذه الآية: نعت من لا يُعْرَفْ حَتَّى قِيلَ: زَنِيمٌ فَعُرِفَ، وَكَانَتْ لَهُ زَنَمَةً فِي عُنُقِهِ


الصفحة التالية
Icon