دُونَ الْعِظَامِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: تَنْزِعُ النَّارُ الْأَطْرَافَ فَلَا تَتْرُكُ لَحْمًا وَلَا جِلْدًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: تَنْزِعُ الجلد واللحم عن العظام.
[١٧] ﴿تَدْعُو﴾ [المعارج: ١٧] النَّارُ إِلَى نَفْسِهَا، ﴿مَنْ أَدْبَرَ﴾ [المعارج: ١٧] على الإيمان، ﴿وَتَوَلَّى﴾ [المعارج: ١٧] عَنِ الْحَقِّ فَتَقُولُ إِلَيَّ يَا مُشْرِكُ، إِلَيَّ يَا مُنَافِقُ، إِلَيَّ إِلَيَّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَدْعُو الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ بِأَسْمَائِهِمْ بِلِسَانٍ فَصِيحٍ ثُمَّ تَلْتَقِطُهُمْ كَمَا يَلْتَقِطُ الطَّيْرُ الحب.
[١٨] ﴿وَجَمَعَ﴾ [المعارج: ١٨] أي جمع المال، ﴿فَأَوْعَى﴾ [المعارج: ١٨] أَمْسَكَهُ فِي الْوِعَاءِ وَلَمْ يُؤَدِّ حَقَّ اللَّهِ مِنْهُ.
[١٩] ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المعارج: ١٩] رَوَى السُّدِّيُّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْهَلُوعُ الْحَرِيصُ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ لَهُ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: شَحِيحًا. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: ضَجُورًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ وَالْحَسَنُ: بَخِيلًا. وَقَالَ قَتَادَةُ: جَزُوعًا. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: ضَيِّقَ الْقَلْبِ. وَالْهَلَعُ. شِدَّةُ الْحِرْصِ، وَقِلَّةُ الصَّبْرِ. وَقَالَ عَطِيَّةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَفْسِيرُهُ مَا بَعْدَهُ. ٢٠،
[٢١] وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا - وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا﴾ [المعارج: ٢٠ - ٢١] يعني إِذَا أَصَابَهُ الْفَقْرُ لَمْ يَصْبِرْ، وإذا أصابه المال لم ينفق.
[٢٢] ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ: ﴿إِلَّا الْمُصَلِّينَ﴾ [المعارج: ٢٢] استثنى الجمع من الواحد لِأَنَّ الْإِنْسَانَ فِي مَعْنَى الْجَمْعِ.
[٢٣] ﴿الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٢٣] يُقِيمُونَهَا فِي أَوْقَاتِهَا يَعْنِي الْفَرَائِضَ.
[قوله تعالى وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ] وَالْمَحْرُومِ...
[٢٤- ٣٣] ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ - لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ - وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ - وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذَابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ - إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ﴾ [المعارج: ٢٤ - ٢٨] ﴿وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ﴾ [المعارج: ٢٩] ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ - فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ - وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ﴾ [المعارج: ٣٠ - ٣٣] أي يقومون فيها بالحق ولا يَكْتُمُونَهَا وَلَا يُغَيِّرُونَهَا.
[٣٤ - ٣٥] ﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ - أُولَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٤ - ٣٥]
[٣٦] ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [المعارج: ٣٦] أَيْ فَمَا بَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا، كَقَوْلِهِ: ﴿فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ﴾ [المدثر: ٤٩] ﴿قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ﴾ [المعارج: ٣٦] مُسْرِعِينَ مُقْبِلِينَ إِلَيْكَ مَادِّي أَعْنَاقِهِمْ وَمُدِيمِي النَّظَرِ إِلَيْكَ مُتَطَلِّعِينَ نَحْوَكَ، نَزَلَتْ فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الْكُفَّارِ كَانُوا يَجْتَمِعُونَ حَوْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَسْتَمِعُونَ كَلَامَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَيُكَذِّبُونَهُ، فَقَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: مَا لَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَيَجْلِسُونَ عِنْدَكَ وَهُمْ لَا يَنْتَفِعُونَ بِمَا يَسْتَمِعُونَ.
[٣٧] ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ [المعارج: ٣٧] حلقا وفرقا.
[٣٨] ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ [المعارج: ٣٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ أَيَطْمَعُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخُلَ جَنَّتِي كَمَا يُدْخُلُهَا الْمُسْلِمُونَ وَيَتَنَعَّمَ فيها وقد كذب نبي؟
[٣٩] ﴿كَلَّا﴾ [المعارج: ٣٩] لا يدخلها، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: ﴿إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ﴾ [المعارج: ٣٩] أَيْ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ، نَبَّهَ النَّاسَ عَلَى أَنَّهُمْ خُلِقُوا مِنْ أَصْلٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا يَتَفَاضَلُونَ وَيَسْتَوْجِبُونَ الجنة بالإيمان والطاعة.
[٤٠ - ٤١] ﴿فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ﴾ [المعارج: ٤٠] يَعْنِي مَشْرِقَ كُلِّ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ وَمَغْرِبَهُ، ﴿إِنَّا لَقَادِرُونَ - عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْرًا مِنْهُمْ﴾ [المعارج: ٤٠ - ٤١] عَلَى أَنْ نَخْلُقَ أَمْثَلَ مِنْهُمْ وأطوع لله، ﴿وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ﴾ [المعارج: ٤١]
[٤٢] ﴿فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا﴾ [المعارج: ٤٢] في باطلهم، ﴿وَيَلْعَبُوا﴾ [المعارج: ٤٢] فِي دُنْيَاهُمْ، ﴿حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ﴾ [المعارج: ٤٢] نَسَخَتْهَا آيَةُ الْقِتَالِ.
[٤٣] ﴿يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ﴾ [المعارج: ٤٣] أي القبور، ﴿سِرَاعًا﴾ [المعارج: ٤٣] إِلَى إِجَابَةِ الدَّاعِي، ﴿كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ﴾ [المعارج: ٤٣] قرأ ابن عامر وَحَفْصٌ (نُصُبٍ) بِضَمِّ النُّونِ وَالصَّادِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الصَّادِ، يَعْنُونَ إِلَى شَيْءٍ مَنْصُوبٍ، يُقَالُ: فَلَانٌ نَصْبَ عَيْنِي. وَقَالَ الكلبي: إلى علم ودراية. وَمَنْ قَرَأَ بِالضَّمِّ قَالَ


الصفحة التالية
Icon