[١٧] ﴿إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٧] قَالَ: عَلَيْنَا أَنْ نَجْمَعَهُ فِي صَدْرِكَ، وَقُرْآنَهُ.
[١٨] ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ [القيامة: ١٨] فَإِذَا أَنْزَلْنَاهُ فَاسْتَمِعْ.
[١٩] ﴿ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ﴾ [القيامة: ١٩] علينا أن نبينه بلسانك، «وكان إذا أتاه جبريل أَطْرَقَ فَإِذَا ذَهَبَ قَرَأَهُ كَمَا وعده اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ -.»
[قَوْلُهُ تَعَالَى كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ]...
[٢٠ - ٢١] ﴿كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ - وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ﴾ [القيامة: ٢٠ - ٢١] أَيْ يَخْتَارُونَ الدُّنْيَا عَلَى الْعُقْبَى وَيَعْمَلُونَ لَهَا يَعْنِي كَفَّارَ مَكَّةَ.
[٢٢ - ٢٣] ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ﴾ [القيامة: ٢٢] يوم القيامة ﴿نَاضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: حَسَنَةٌ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَسْرُورَةٌ. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: نَاعِمَةٌ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: بِيضٌ يَعْلُوهَا النُّورُ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: مُضِيئَةٌ. وَقَالَ يَمَانٌ: مُسْفِرَةٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: مُشْرِقَةٌ بِالنَّعِيمِ. يُقَالُ: نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ يُنَضِّرُ نَضْرًا، وَنَضَّرَهُ اللَّهُ، وَأَنْضَرَهُ، وَنَضُرَ وَجْهُهُ، يَنْضُرُ، نَضْرَةً، وَنَضَارَةً. قَالَ اللَّهُ - تَعَالَى -: ﴿تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: ٢٤] ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَكْثَرُ النَّاسِ: تَنْظُرُ إِلَى رَبِّهَا عَيَانًا بِلَا حِجَابٍ. قَالَ الْحَسَنُ: تَنْظُرُ إِلَى الْخَالِقِ وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَنْضُرَ وهي تنظر إلى الخالق.
[٢٤] ﴿وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٤] عَابِسَةٌ كَالِحَةٌ مُغْبَرَّةٌ مُسَوَّدَةٌ.
[٢٥] ﴿تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٥] تَسْتَيْقِنُ أَنْ يُعْمَلَ بِهَا عَظِيمَةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَالْفَاقِرَةُ: الدَّاهِيَةُ الْعَظِيمَةُ، وَالْأَمْرُ الشَّدِيدُ يَكْسِرُ فَقَارَ الظَّهْرِ. قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: قَاصِمَةُ الظَّهْرِ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هِيَ دُخُولُ النَّارِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هِيَ أن يحتجب عَنْ رُؤْيَةِ الرَّبِّ - عَزَّ وَجَلَّ -.
[٢٦] ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ﴾ [القيامة: ٢٦] يَعْنِي النَّفْسَ كِنَايَةٌ عَنْ غَيْرِ مذكور، ﴿التَّرَاقِيَ﴾ [القيامة: ٢٦] فحشرج بها عند الموت، والتراقي جَمْعُ التَّرْقُوَةِ، وَهِيَ الْعِظَامُ بَيْنَ ثُغْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ وَيُكَنَّى بِبُلُوغِ النَّفْسِ التَّرَاقِيَ عَنِ الْإِشْرَافِ عَلَى الموت.
[٢٧] ﴿وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ [القيامة: ٢٧] أَيْ قَالَ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ: هَلْ مِنْ طَبِيبٍ يَرْقِيهِ وَيُدَاوِيهِ فَيَشْفِيَهُ بَرُقْيَتِهِ أَوْ دَوَائِهِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الْتَمَسُوا لَهُ الْأَطِبَّاءَ فَلَمْ يُغْنُوا عَنْهُ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ شَيْئًا. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ وَمُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: هَذَا مِنْ قَوْلِ الْمَلَائِكَةِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَنْ يَرْقَى بِرُوحِهِ فَتَصْعَدُ بِهَا مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ أَوْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ.
[٢٨] ﴿وَظَنَّ﴾ [القيامة: ٢٨] أيقن الذين بَلَغَتْ رُوحُهُ التَّرَاقِيَ، ﴿أَنَّهُ الْفِرَاقُ﴾ [القيامة: ٢٨] مِنَ الدُّنْيَا.
[٢٩] ﴿وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ﴾ [القيامة: ٢٩] قال قتادة: الشدة بالشدة. قال عَطَاءٌ: شِدَّةُ الْمَوْتِ بِشِدَّةِ الْآخِرَةِ. قال سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: تَتَابَعَتْ عَلَيْهِ الشدائد. قال السُّدِّيُّ: لَا يَخْرُجُ مِنْ كَرْبٍ إِلَّا جَاءَهُ أَشَدُّ مِنْهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَمْرُ الدُّنْيَا بِأَمْرِ الْآخِرَةِ فَكَانَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا وَأَوَّلِ يَوْمٍ مِنْ أَيْامِ الْآخِرَةِ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اجْتَمَعَ فِيهِ الْحَيَاةُ وَالْمَوْتُ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: النَّاسُ يُجَهِّزُونَ جَسَدَهُ وَالْمَلَائِكَةُ يُجَهِّزُونَ رُوحَهُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمَا سَاقَاهُ إذا التفا فِي الْكَفَنِ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هُمَا ساقاه إذا التفا عِنْدَ الْمَوْتِ.
[٣٠] ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ﴾ [القيامة: ٣٠] أي مرجع العباد إِلَى اللَّهِ يُسَاقُونَ إِلَيْهِ.
[٣١] ﴿فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى﴾ [القيامة: ٣١] يَعْنِي أَبَا جَهْلٍ لَمْ يُصَدِّقْ بِالْقُرْآنِ وَلَا صَلَّى لِلَّهِ.
[٣٢] ﴿وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ [القيامة: ٣٢] عَنِ الْإِيمَانِ.
[٣٣] ﴿ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ﴾ [القيامة: ٣٣] رجع إليهم، ﴿يَتَمَطَّى﴾ [القيامة: ٣٣] يتبختر ويختال في مشيه، قيل: أَصْلُهُ يَتَمَطَّطُ أَيْ يَتَمَدَّدُ، وَالْمَطُّ هُوَ الْمَدُّ.
[٣٤ - ٣٥] ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى - ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ [القيامة: ٣٤ - ٣٥] هَذَا وَعِيدٌ عَلَى وَعِيدٍ مِنَ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - لِأَبِي جَهْلٍ، وَهِيَ كَلِمَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِلتَّهْدِيدِ وَالْوَعِيدِ. وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: مَعْنَاهُ أَنَّكَ أَجْدَرُ بِهَذَا الْعَذَابِ وَأَحَقُّ وَأَوْلَى به، تقال للرجل حيث يُصِيبُهُ مَكْرُوهٌ