الْحَسَنُ: أَدْخَلَهُمُ اللَّهُ الْجَنَّةَ وَأَلْبَسَهُمُ الحرير.
[١٣] ﴿مُتَّكِئِينَ﴾ [الإنسان: ١٣] نصب على الحال، ﴿فِيهَا﴾ [الإنسان: ١٣] في الجنة ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ﴾ [الإنسان: ١٣] السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ، وَلَا تَكُونُ أَرِيكَةً إِلَّا إِذَا اجْتَمَعَا، ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ [الإنسان: ١٣] أَيْ صَيْفًا وَلَا شِتَاءً. قَالَ مُقَاتِلٌ: يَعْنِي شَمْسًا يُؤْذِيهِمْ حَرُّهَا وَلَا زَمْهَرِيرًا يُؤْذِيهِمْ بِرْدُهُ، لِأَنَّهُمَا يُؤْذِيَانِ فِي الدُّنْيَا. وَالزَّمْهَرِيرُ: الْبَرْدُ الشديد.
[١٤] ﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا﴾ [الإنسان: ١٤] أَيْ قَرِيبَةً مِنْهُمْ ظِلَالُ أَشْجَارِهَا، وَنُصِبَ (دَانِيَةً) بِالْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ: (مُتَّكِئِينَ)، وَقِيلَ: عَلَى مَوْضِعِ قَوْلِهِ: ﴿لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا﴾ [الإنسان: ١٣] وَيَرَوْنَ (دَانِيَةً)، وَقِيلَ: عَلَى الْمَدْحِ. ﴿وَذُلِّلَتْ﴾ [الإنسان: ١٤] سخرت وقربت، ﴿قُطُوفُهَا﴾ [الإنسان: ١٤] ثمارها ﴿تَذْلِيلًا﴾ [الإنسان: ١٤] يَأْكُلُونَ مِنْ ثِمَارِهَا قِيَامًا وَقُعُودًا وَمُضْطَجِعِينَ، وَيَتَنَاوَلُونَهَا كَيْفَ شَاءُوا عَلَى أي حال كانوا.
[١٥ - ١٦] ﴿وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا - قَوَارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ﴾ [الإنسان: ١٥ - ١٦] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَرَادَ بَيَاضَ الْفِضَّةِ فِي صَفَاءِ الْقَوَارِيرِ، فَهِيَ مِنْ فِضَّةٍ فِي صَفَاءِ الزُّجَاجِ، يَرَى مَا فِي دَاخِلِهَا مِنْ خَارِجِهَا، ﴿قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا﴾ [الإنسان: ١٦] الْكَأْسَ عَلَى قَدْرِ رِيِّهِمْ لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، أَيْ قَدَّرَهَا لَهُمُ السُّقَاةُ وَالْخَدَمُ الَّذِينَ يَطُوفُونَ عَلَيْهِمْ يُقَدِّرُونَهَا ثُمَّ يُسْقَوْنَ.
[١٧] ﴿وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا﴾ [الإنسان: ١٧] يُشَوِّقُ وَيُطْرِبُ، وَالزَّنْجَبِيلُ: مِمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ تَسْتَطِيبُهُ جِدًّا، فَوَعَدَهُمُ اللَّهُ - تَعَالَى - أَنَّهُمْ يُسْقَوْنَ فِي الْجَنَّةِ الْكَأْسَ الْمَمْزُوجَةَ بِزَنْجَبِيلِ الْجَنَّةِ. قَالَ مُقَاتِلٌ: لَا يُشْبِهُ زَنْجَبِيلَ الدُّنْيَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: كُلُّ مَا ذكره اللَّهُ فِي الْقُرْآنِ مِمَّا فِي الْجَنَّةِ وَسَمَّاهُ لَيْسَ لَهُ فِي الدُّنْيَا مِثْلٌ. وَقِيلَ: هُوَ عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ يُوجَدُ مِنْهَا طَعْمُ الزَّنْجَبِيلِ. قَالَ قَتَادَةُ: يَشْرَبُهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا، وَيُمْزَجُ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.
[١٨] ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا﴾ [الإنسان: ١٨] قَالَ قَتَادَةُ: سَلِسَةٌ مُنْقَادَةٌ لَهُمْ يصرفونها حيث شاءوا، قال مجاهد: حديدة الجرية. قال أَبُو الْعَالِيَةِ وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: سُمِّيَتْ سَلْسَبِيلًا لِأَنَّهَا تَسِيلُ عَلَيْهِمْ فِي الطُّرُقِ وَفِي مَنَازِلِهِمْ، تَنْبُعُ مِنْ أَصْلِ الْعَرْشِ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى أَهْلِ الْجِنَانِ، وَشَرَابُ الْجَنَّةِ عَلَى بَرْدِ الْكَافُورِ وَطَعْمِ الزَّنْجَبِيلِ وَرِيحِ الْمِسْكِ. قَالَ الزَّجَّاجُ: سُمِّيَتْ سَلْسَبِيلًا لِأَنَّهَا فِي غَايَةِ السَّلَاسَةِ تَتَسَلْسَلُ فِي الْحَلْقِ، وَمَعْنَى قَوْلِهِ: (تُسَمَّى) أَيْ تُوصَفُ لِأَنَّ أَكْثَرَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّ سَلْسَبِيلًا صِفَةٌ لَا اسْمٌ.
[١٩] ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا﴾ [الإنسان: ١٩] قَالَ عَطَاءٌ: يُرِيدُ فِي بَيَاضِ اللُّؤْلُؤِ وَحُسْنِهِ، وَاللُّؤْلُؤُ إِذَا نُثِرَ مِنَ الْخَيْطِ عَلَى الْبِسَاطِ، كَانَ أَحْسَنَ مِنْهُ مَنْظُومًا. وَقَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: إِنَّمَا شُبِّهُوا بِالْمَنْثُورِ لِانْتِثَارِهِمْ فِي الْخِدْمَةِ، فَلَوْ كَانُوا صَفًّا لَشُبِّهُوا بِالْمَنْظُومِ.
[٢٠] ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ﴾ [الإنسان: ٢٠] أَيْ إِذَا رَأَيْتَ بِبَصَرِكَ