الْكِتَابِ} ١... المحو والإثبات من الصحف التي في أيدي الملائكة٢... وقوله: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ اللوح المحفوظ٣، ويدل على هذا الوجه٤ سياق الآية، وهو قوله: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ ثم قال: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ أي: من ذلك الكتاب ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ أي: أصله، وهو اللوح المحفوظ. وقيل: يمحو الله ما يشاء من الشرائع وينسخه ويثبت ما يشاء فلا ينسخه٥، والسياق أدل على هذا الوجه من الوجه الأول، وهو قوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ﴾ فأخبر تعالى أن الرسول لا يأتي بالآيات من قبل نفسه، بل من عند الله، ثم قال: ﴿لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ أي: أن الشرائع لها أجل وغاية تنتهي إليها، ثم تنسخ بالشريعة الأخرى، فينسخ الله ما

١ سورة الرعد، الآية: ٣٨، ٣٩.
٢ انظر جامع البيان (١٦/٤٨٤، ٤٨٥)، ومعاني القرآن وإعرابه (٣/١٥٠)، ومعاني القرآن الكريم (٣/٥٠٢)، والنكت والعيون (٣/١١٨)، والوسيط (٣/٢٠)، وتفسير القرآن للسمعاني (٣/١٠٠)، ومعالم التنزيل (٣/٢٣)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (١٤/٤٩٢) فقد ذكر أصحاب هذه المؤلفات هذا القول.
٣ انظر بحر العلوم (٢/١٩٧)، والنكت والعيون (٣/١١٨)، وتفسير القرآن للسمعاني
(٣/١٠٠)، ومعالم التنزيل (٣/٢٣)، والكشاف (٢/٣٦٣) وطائفة من المفسرين لم يذكروا إلا هذا القول مما يدل على أنه أقوى الأقوال.
٤ يعني المؤلف بالوجه أن المحو والإثبات من الصحف التي في أيدي الملائكة.
٥ انظر الوسيط (٣/٢٠)، والكشاف (٢/٣٦٣)، والبحر (٥/٣٨٨)، وفتح القدير
(٣/٨٩)، وفتح البيان (٥/١١١)، ومحاسن التأويل (٤/٤٥٥) ومن نسب من أصحاب هذه المؤلفات هذا القول إلى قتادة فنسبته فيها نظر؛ لأن المنقول عن قتادة أنه يقول: إن هذه الآية مثل قوله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾ فهذا معناه أنه مثل النسخ الواقع في شريعة القرآن، فلم يجعله قتادة عاماً كما نقل هذا الناقل. انظر قول قتادة في: جامع البيان (١٦/٤٨٥، ٤٨٦)، وتفسير القرآن العظيم (٢/٥٢١).


الصفحة التالية
Icon