وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} الآية١...
[قوله تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ ٢]... لمَّا قال تعالى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ قال بعده: ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ﴾ فإنه قد يخطر ببال أحد خاطر شيطاني: هب أن إلهنا واحد، فلغيرنا إله غيره، فقال تعالى: ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ ٣ وقد اعترض صاحب المنتخب٤ على النحويين في تقدير الخبر في ﴿لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ﴾ فقالوا: تقديره لا إله في الوجود إلا الله. فقال: يكون ذلك نفياً لوجود الإله، ومعلوم أن نفي الماهية أقوى في التوحيد الصِّرف من نفي الوجود، فكان إجراء الكلام على ظاهره، والإعراض عن هذا الإضمار أولى٥.
وأجاب أبو عبد الله محمد بن أبي الفضل المرسي٦ في ((ري الظمآن)) فقال:
هذا كلام من لا يعرف لسان العرب، فإن ((إله)) في موضع المبتدأ على قول سيبويه، وعند غيره اسم ((لا)) وعلى التقديرين، فلابد من خبر للمبتدأ،

١ التنبيه على مشكلات الهداية، ص (٤٨٦، ٤٨٧) تحقيق عبد الحكيم. وسبب النزول هذا أخرجه الإمام البخاري في صحيحه مع الفتح برقم (١٦٤٣) ومسلم في صحيحه تحت رقم (١٢٧٧).
٢ سورة البقرة، الآية: ١٦٣.
٣ ذكر أبو حيان هذا منسوباً إلى صاحب المنتخب. انظر البحر (١/٦٣٧).
٤ لعله: الحسن بن صافي بن عبد الله الملقب بملك النحاة (ت: ٥٦٨ ؟) ذكر القفطي في مؤلفاته ((المنتخب)). انظر معجم الأدباء (٢/٨٦٦)، وإنباه الراوة (١/٣٤٠)، وبغية الوعاة (١/٥٠٤).
٥ نحو هذا الاعتراض في التفسير الكبير (٤/١٥٧) من غير نسبة. وهو بتمامه في البحر (١/٦٣٧) منسوباً لصاحب المنتخب.
٦ محمد بن عبد الله بن محمد بن أبي الفضل المرسي، العلامة شرف الدين، النحوي الأديب، الزاهد المفسِّر، المحدث الفقيه الأصولي، (ت: ٦٥٥ ؟). انظر بغية الوعاة (١/١٤٤).


الصفحة التالية
Icon