وقد قُرئ شاذاً ﴿حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ﴾ ١.
... قوله تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ ٢ وقوله تعالى: ﴿وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لا تَشْعُرُونَ﴾ ٣ وأما الحياة التي اختص بها الشهيد، وامتاز بها عن غيره... فهي أن الله تعالى جعل أرواحهم في أجواف طير خضر، كما في حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم - يعني يوم أحد - جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب مذللة٤ في ظل العرش" الحديث رواه الإمام أحمد وأبو داود٥، وبمعناه في حديث ابن مسعود، رواه مسلم٦. فإنهم لما بذلوا أبدانهم لله عز وجل حتى أتلفها أعداؤه فيه، أعاضهم منها في البرزخ أبداناً خيراً منها، تكون فيها إلى يوم القيامة، ويكون تنعمها بواسطة تلك الأبدان، أكمل من تنعم الأرواح المجردة عنها. ولهذا كانت نسمة المؤمن في
٢ سورة آل عمران، الآية: ١٦٩.
٣ سورة البقرة، الآية: ١٥٤.
٤ مذلَّلة يعني: مدلاه. انظر النهاية في غريب الحديث والأثر (٢/١٦٦) ((ذلل)).
٥ المسند (١/٢٦٥، ٢٦٦)، وسنن أبي داود برقم (٢٥٢٠)، وتفسير الطبري برقم (٨٢٠٥)، ومستدرك الحاكم (٢/٩٧) كلهم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
٦ صحيح مسلم الحدث رقم (١٨٨٧).