فتعين العطف على قوله: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ﴾ ١... وفي ذكر المسح في الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجلين، فإن السرف يعتاد فيهما كثيراً٢.
[وقال أيضاً] : قوله تعالى: ﴿فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ﴾ ٣... (من) هنا للتبعيض، لا للغاية٤. أي: ألصقوا بوجوهكم وأيديكم بعضه. قال الزمخشري في الكشاف٥: فإن قلت: قولهم إنها لابتداء الغاية قول متعسف، ولا يفهم أحد من العرب قول القائل: مسحت برأسه من الدهن ومن الماء ومن التراب إلا معنى التبعيض. قلت: هو كما تقول٦، والإذعان للحق خير من المراء. انتهى٧.
... قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ ٨... ذكر في سبب نزول الآية الكريمة عن ابن جريج، عن عكرمة أن عثمان بن مظعون، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، والمقداد بن الأسود، وسالماً مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم في صحابة تبتلوا، فجلسوا في

١ يعني عطف قراءة ﴿وَأَرْجُلَكُمْ﴾ بالنصب. وانظر الكشف عن وجوه القراءات السبع (١/٤٠٧)، ومجموع فتاوى شيخ الإسلام (٢١/٣٤٩)، والدر المصون (٤/٢١٠) والأخير قد ذكر الخلاف بين العلماء في عطف الأيدي.
٢ شرح العقيدة الطحاوية، ص (٥٥٣ - ٥٥٥) وما ذكره بقوله: وفي ذكر المسح في الرجلين... الخ. قاله الزمخشري في الكشاف (١/٥٩٧).
٣ سورة المائدة، الآية: ٦.
٤ انظر الدر المصون (٤/٢١٦) فقد ذكر السمين القولين، ووصف ما ذهب إليه المؤلف بأنه الأظهر.
٥ انظر منه (١/٥٢٩) فقد قاله الزمخشري عند الآية (٤٣) من سورة النساء.
٦ في التنبيه على مشكلات الهداية "يقول" بالياء، والتصحيح من الكشاف.
٧ التنبيه على مشكلات الهداية، ص (٩١) تحقيق عبد الحكيم.
٨ سورة المائدة، الآية: ٨٧.


الصفحة التالية
Icon