الأحاديث بالنقد. وهذه الاعتراضات العشرة أكثرها من كلام المعتزلة، كما في نقل الرازي عنهم في التفسير الكبير (١٥/٣٩-٤١) ومن قبله نقل أبو الليث في بحر العلوم (١/٥٨٠) إلا أنه لم يصرح أن المخالف هم المعتزلة.
والحق في تفسير الآية هو ما ذهب إليه أهل الأثر؛ للأسباب التالية:
١- أن هذا التفسير قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن طعن في رواية ابن عباس المرفوعة فقوله مرجوح، كما ذُكر ذلك عند تخريج الحديث، بل قد قال ابن عطية: "تواترت الأحاديث في تفسير هذه الآية عن النبي ﷺ من طريق عمر رضي الله عنه، وعبد الله بن عباس وغيرهما" المحرر الوجيز (٧/١٩٨، ١٩٩). وقال أبو جعفر النحاس في معاني القرآن (٣/١٠١) :"أحسن ما قيل في هذا ما تواترت به الأخبار عن النبي ﷺ (إن الله جل وعز مسح ظهر آدم، فأخرج منه ذريته أمثال الذر، فأخذ عليهم الميثاق"). وقد أشار إلى تواتر الحديث تواتراً معنوياً العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤/١٦٢) ولهذا هاب ابن عطية مخالفة الأحاديث، وليت الإمام ابن القيم فعل مثله، لا سيما وأنه من شيوخ أهل الأثر المتأخرين.
٢- أن التفسير بما ثبت عن رسول الله ﷺ هو مذهب أهل الحديث وكبراء أهل العلم، كما نقل ذلك ابن القيم في كتاب الروح، ص (١٦٣)، بل هو قول جمهور المفسرين. انظر النكت والعيون (٢/٢٧٨)، والوسيط (٢/٤٢٥)، ولباب التأويل (٢/٣١٠)، والروح، ص (١٦٣).
٣- لا تعارض ببن آية أخذ الميثاق وبين الحديث الثابت في تفسيرها، وما قد يظهر فيه من تعارض أجاب عنه العلماء، كما نقل ذلك ابن القيم نفسه عن ابن الأنباري وغيره في كتاب الروح، ص (١٦٣)، وكذلك أجاب الرازي عن بعض الإشكالات في التفسير الكبير (١٥/٤٢، ٤٣)، والشيخ الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤/١٦١-١٦٣).
٤- تتابعت أقوال العلماء في الرد على من رد هذا التفسير، ومنهم أبو الليث في تفسير القرآن (١/٥٨٠-٥٨٢)، والرازي في التفسير الكبير (١٥/٤٢-٤٣)، والخازن في لباب التأويل (٢/٣١٠)، والشوكاني في فتح القدير (٢/٢٧٦)، والهندي في فتح البيان
(٣/٤٥٢-٤٥٤).


الصفحة التالية
Icon