قال تعالى: ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ ١ عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور، فرفعوا أبصارهم فإذا الرب جل جلاله قد أشرف عليهم من فوقهم، فقال: السلام عليكم يا أهل الجنة، وهو قول الله تعالى: ﴿سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ قال: فينظر إليهم، وينظرون إليه فلا يلتفتون إلى شيء مما هم فيه من النعيم، ما داموا ينظرون إليه، حتى يحتجب عنهم، وتبقى بركته ونوره عليهم في ديارهم". رواه ابن ماجة وغيره٢.
قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ﴾ ٣ جمع الأيدي ل-مَّا أضافها إلى ضمير الجمع، ليتناسب الجمعان اللفظيان للدلالة على الملك والعظمة، ولم يقل (أيدِيَّ) مضاف إلى ضمير المفرد، ولا (يَدَيْنا) بتثنية اليد مضافة إلى ضمير الجمع، فلم يكن قوله: ﴿مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا﴾ نظير قوله: ﴿َ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ ٤.

١ سورة يس، الآية: ٥٨.
٢ شرح العقيدة الطحاوية، ص (١٧٧)، وانظر ص (٣٧٦، ٣٨٦). والحديث أخرجه ابن ماجة في السنن برقم (١٨٤)، والبزار ـ كما في كشف الأستار ـ برقم (٢٢٥٣)، وأبو نعيم في الحلية (٦/٢٠٨، ٢٠٩) وقال الهيثمي ـ في مجمع الزوائد (٧/٩٨) ـ: رواه البزار وفيه الفضل بن عيسى الرقاشي وهو ضعيف. وضعفه أيضاً الشيخ الألباني. انظر ضعيف سنن ابن ماجة، ص (١٤). قلت: الحديث مداره عند هؤلاء الثلاثة ـ ابن ماجة والبزار وأبي نعيم ـ على الفضل بن عيسى. بل قد قال البزار ـ كما في كشف الأستار (٣/٦٧) ـ: لا نعلمه يُروى عن جابر إلا بهذا الإسناد.
٣ سورة يس، الآية: ٧١.
٤ سورة ص، الآية: ٧٥. وتفسير المؤلف هذا في شرح العقيدة الطحاوية، ص (٢٦٥). وهو يريد الرد على الجهمية الذين يجعلون آية ياسين حجة لهم في تأويل النصوص التي دلت على إثبات اليدَين لله تعالى. وانظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام (٣/٤٥، ٤٦) (٦/٣٧٠) تجد أن شيخ الإسلام قد قال نحو ما ذكر المؤلف هنا، ولا يبعد أن المؤلف أخذه منه.


الصفحة التالية
Icon