يقسم هذه الأموال بأمر الله، ليست ملكاً لأحد١. وذكر البخاري في صحيحه أن معنى قوله تعالى: ﴿وَلِلرَّسُول﴾ يعني الرسول له ذلك انتهى٢.
وتحقيق ذلك أن اللام في آية الخمس وآية الفيء، مذكورة في ثلاثة مواضع. في قوله ﴿لِلَّهِ﴾ وفي قوله: ﴿وَلِلرَّسُول﴾ وفي قوله: ﴿وَلِذِي الْقُرْبَى﴾. وفي آية الصدقات لم تذكر إلاّ في أولها فقط٣، ولم تذكر مع بقية أنواع المصارف - في الآيات الثلاث - وليس ذلك لغير معنى، بل لمعان متغايرة وهي: أنها في قوله: ﴿لِلَّهِ﴾ بمعنى أن أمرها إليه، لم يجعله إليكم، بل أخرجها عن حكمكم وجعل لها مصارف عينها لهم٤. وفي قوله: ﴿وَلِلرَّسُول﴾ بمعنى أنه هو المنفذ لأمر مرسله، وهو الذي يتولى أمر قسمها بإذنه، وله فيها نصيب لاحتياجه إلى ما يحتاج إليه البشر ولما كانت منزلته أعلى من منزلة بقية المصارف أُعيدت اللام مع بقية المصارف٥ تنبيهاً
(٥/ ٣١٩)، وأحكام القرآن للكيا الهراسي (٣/ ١٥٢، ١٥٨) (٤/ ٤٠٦)، وأحكام القرآن لابن العربي (٢/ ٨٣٩، ٨٥٥، ٨٥٦)، (٤/ ١١٧٢، ١٧٧٣).
٢ صحيح البخاري ـ مع الفتح ـ (٦/ ٢١٧) كتاب فرض الخمس. وفيه النص هكذا (يعني للرسول قسم ذلك). قال ابن حجر ـ في الفتح (٦/ ٢١٧، ٢١٨) معلقاً على تفسير البخاري ـ: (هذا اختيار منه لأحد الأقوال في تفسير هذه الآية، والأكثر على أن اللام في قوله: ﴿وَلِلرَّسُول﴾ للملك، وأن للرسول خمس الخمس من الغنيمة، سواء حضر القتال أو لم يحضر، وهل كان يملكه أو لا؟ وجهان للشافعية، ومال البخاري إلى الثاني واستدل له).
٣ في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ.﴾ سورة التوبة، الآية: ٦٠.
٤ هذا المعنى مختلف فيه في بعض الآيات. انظر المحرر الوجيز (٨/ ٦، ٧٠) (١٥/ ٤٦٦)، والجامع لأحكام القرآن (٧/ ٣٦١) (٨/١٠) (١٢/ ١١-١٤).
٥ يعني مع بعض المصارف، كما هي في الآية (٤١) من سورة الأنفال، وفي الآيتين
(٧) و (٨) من سورة الحشر.