(ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ((١١)
المفردات:
- الزيتون: جمع زيتونة.
- النخيل: جمع نخلة.
- أعناب: جمع عنب، والعنب جمع عنبة.
- الآية: العلامة الظاهرة (دلالة).
المعنى الإجمالي:
ومن نعم الله علينا - أيضا - أن أنزل علينا الماء من السماء، وأخرج لنا به الحب والبقول والنخيل والزيتون والأعناب وكل الثمار، وكل هذه الثمار التي يختلف مذاقها ويتنوع لونها تسقى من هذا الماء الواحد، وفي هذا علامة ظاهرة دالة على وحدانية الله وقدرته ونعمه، ولا يعرف هذه النعم إلا من يتفكر فيها.
المعنى التفصيلي:
- لم تعطف هذه الآية على الآية السابقة (هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون)؛ لأن هذا الشجر النابت البري الذي ترعى به الأنعام لا يحتاج إلى رعاية، وأما الزرع والزيتون والأعناب وغيرها فهي تحتاج إلى رعاية، فبين الموضوعين فرق.
- ولكن لماذا لم يسند سبحانه وتعالى إنبات الشجر البري إلى نفسه، وإنما أسند إلى نفسه إنبات الزرع والزيتون والنخيل والأعناب وغيرها من الثمرات؟
والجواب عن ذلك: أن الشجر البري ينبت من غير رعاية، فيتبادر للذهن فورا أن هذه رعاية الله سبحانه هي التي أنبتته.
ولكن عندما ينظر الإنسان إلى المزروعات والثمار التي تنمو برعاية الإنسان فإنه قد يغفل عن أن الرعاية الحقيقية لإنبات هذه الزروع والثمار هي لله الواحد سبحانه، وسبب الغفلة أن رعاية البشر موهمة بأنها هي السبب في الإنبات، فأسند الله الإنبات لنفسه، كأن المعنى هو:
إن الله أنزل الماء الذي هو شرابكم والذي بسببه يخرج الشجر البري الذي ترعون فيه أنعامكم، وأما ما تعتنون به من الزروع والثمار فلا تظنوا أنكم تنبتونه بل الله هو منبته.
- وجاء التعبير بالمضارع (ينبت) لأن الإنبات سنة لله متجددة في كل حين على هذه الأرض.
- وصرحت الآية بالزروع والزيتون والنخيل والأعناب ثم جاء التعميم (ومن كل الثمرات) لأن هذه الثمار المصرح بها هي من أشهر ما يعرفه العرب، ولأن لها مكانتها الخاصة عندهم.
- قدم ذكر الزروع على الأشجار؛ لأن الزروع من القمح و الأرز و الورقيات والحبوب بأنواعها و البقول وغيرها هي قوام حياة البشر.
- ورتبت أنواع الأشجار من الأعلى إلى الأدنى من جهة العمر؛ لأن طول تعمير الشجرة نوع من أنواع النعمة، فشجر الزيتون يعيش مئات السنين، وشجر النخيل يعيش أقل من شجر الزيتون بكثير، وأما الأعناب فأقلهن عمرا.
- (إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون) جاء التعبير بـ"يتفكرون" وليس بـ"يتذكرون"؛ لأن الأمر ليس ظاهرا ظهور ما يحتاج إلى تذكر فقط، وليس بـ"يعقلون" لأن الأمر لا يحتاج إلى المبالغة في إعمال العقل، بل العبرة بأمر الزرع والثمار تحصل بتفكر وتأمل في حال البذرة ونموها وإثمارها، وكيف أن هذه البذرة انتقلت من بذرة يابسة إلى زرع يانع وثمار ناضجة، وهذا يقدر عليه عامة الناس.
- وجاء التعبير بـ "قوم" في قوله تعالى (لقوم يتفكرون) للإشارة إلى أن المقصودين هم من أصبح التفكر صفتهم التي عليها يجتمعون، ولأجل هذه الصفة المشتركة استحقوا إطلاق "قوم" عليهم، وليسوا ممن تفكر مرة واحدة أو عدة مرات متفرقة، وفي غير ذلك لا يتفكرون، وهذا ما يفيده الفعل المضارع، فإن تفكرهم متجدد متكرر، وليس تفكر واقعة واحدة.


الصفحة التالية
Icon