(وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون) (١٣)
المفردات:
- ذرأ: خلق.
- يذكرون: يتعظون.
المعنى الإجمالي:
بعد أن بينت الآية السابقة عظيم خلق الله في السماء، بينت هذه الآية عظيم خلق الله في الأرض، فالله خلق لنا في هذه الأرض أشياء كثيرة من الحيوانات والأشجار والأتربة والثمار، متنوعة في ألوانها وأشكالها وأحجامها وغير ذلك من الصفات، ولا يعتبر بهذا الخلق إلا أصحاب الإيمان الذين يتعظون.
المعنى التفصيلي:
- معنى (ذرأ): خلق.
وقيل: الذرء: الخلق بالتناسل والتولد بالحمل والتفريخ، فليس الإنبات ذرءا.
وهذا القول ليس صحيحا لقوله تعالى (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا) (الأنعام: ١٣٦) فكما في الآية، فإن الذرء يطلق على النسل وعلى الإنبات؛ لأن الحرث هو الزرع والثمار.
- ما الفرق بين "الخلق" و "الذرء"؟
الفرق بين "الخلق" و "الذرء" أن "الذرء" خلق عن طريق التكاثر، قال تعالى (فاطر السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) (الشورى: ١١).
- عرف بعض المفسرين الألوان بالأصناف، ولكن الظاهر أن الألوان هي الألوان؛ لأن (مختلفا ألوانه) أشمل من " مختلفا أصنافه "؛ لأن الصنف الواحد من الثمر قد يحوي ألوانا شتى، وكذلك الصنف الواحد من الحيوان قد يحوي ألوانا شتى.
وبناء على هذا، فتعريف الألوان بالألوان أبلغ من تعريفها بالأصناف.
- إن اختلاف اللون من الآيات الدالة على الله سبحانه كما في هذه الآية، وكما في قوله تعالى (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين) (الروم: ٢٢)
- والاعتبار باللون يدل بالأولى على الاعتبار بحقائق الأشياء، لأن ما كان ظاهره عبرة فحقيقته أولى بالاعتبار.
- إن الاعتبار بظواهر الأشياء مفتوح أمام كل الناس؛ لأنه لا يحتاج إلى درجات عالية من إعمال العقل، ولذا جاء التعبير بـ (يذكرون) في قوله تعالى (إن في ذلك لآية لقوم يذكرون) فالأمر لا يحتاج إلا إلى مجرد التذكر لما غفل عنه الإنسان.
- وجاء التعبير بـ "قوم" في قوله تعالى (لقوم يذكرون) للإشارة إلى أن المقصودين هم من أصبح التذكر صفتهم التي عليها يجتمعون، ولأجل هذه الصفة المشتركة استحقوا إطلاق "قوم" عليهم، وليسوا ممن تذكر مرة واحدة أو عدة مرات متفرقة، وفي غير ذلك لا يتذكرون، وهذا ما يفيده الفعل المضارع، فإن تذكرهم متجدد متكرر، وليس في واقعة واحدة.


الصفحة التالية
Icon