(خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين) (٤)
المفردات:
- نطفة: المقصود بها هنا: ماء الرجل. وهو: المني.
- خصيم: شديد الخصومة.
المعنى الإجمالي:
من دلائل قدرة الله الموجبة لاستحقاقه العبادة وحده أنه خلق من ماء الرجل، ذلك الماء الضعيف الذي إن ترك لم يكن منه فائدة غير أنه مسبب لكلفة التنظيف، خلق الله منه إنسانا قادرا على الخصام، بل إنه مبين في خصامه يقول ويعبر ما يريد.
المعنى التفصيلي:
- المقصود بالإنسان هو جنس الإنسان، أما آدم عليه السلام فقد خلق من طين.
- النطفة هي: الماء الصافي قل أو كثر، وهي هنا ماء الرجل، أي: منيه، و"نطفة" على وزن فعلة بمعنى مفعول، أي: منطوف.
- هل المقصود بالخصيم هنا هو الذي ينازع الله سبحانه وتعالى؟ هما وجهان:
الأول: أنه المخاصم لأجل نفسه.
الثاني: الذي يخاصم دين الله.
وعلى الوجه الثاني فهو في الكفار فقط.
ولكن ليس في الآية تخصيص، فحملها على العموم فيمن يخاصم عن نفسه أو يخاصم في ربه أولى من التخصيص، فهذه النطفة تتحول لتصبح إنسانا قادرا على الخصام والنزاع، بل والاحتراف في النزاع والخصام، بغض النظر عن طبيعة الخصام أهو في حق أو باطل، لأن العبرة في الآية هي قدرة الله على الخلق.
- (مبين) اسم فاعل من أبان، فهو فصيح يستطيع إظهار عداوته وخصامه بالبيان.
- ذكرت الآية صورة تلك النطفة الضعيفة وانتقلت مباشرة إلى صورة الإنسان الخصيم المبين في خصامه وعداوته، ولم تذكر الآية مراحل خلق الإنسان التفصيلية كما في الآيات التي ذكرت مراحل خلق الإنسان في بطن أمه وما بعد ذلك من المراحل؛ لأن المقصود في هذه الآية هو بيان الفرق الشاسع بين صورة النطفة وصورة المخاصم، لأن الفروق تظهر جليا كلما تباعدت الصورتان، فهما صورتان: نطفة وخصيم، وبينهما فرق عظيم، ويفهم هذا أيضا من (إذا) الفجائية في قوله تعالى (فإذا هو خصيم مبين)