يُحقِّق الأمرَ ويؤكدَه. فأَوقَعَ ذِكرَها في سَمْعِ الذي كلم ابتداء من أَول الأمر.
ليعلَم قَبْل هذا الحديث أنه أرادَها بالحديث، فيكون ذلك أبعدَ له من الشك.
١٢٥ - ومثله في الوضوح قوله:

هُمَا يلْبسان المجْدَ أَحْسَن لِبْسةٍ شَحيحانِ ما اسْطاعا عليهِ كلاهُما١
لا شُبْهة في أنه لم يُرد أن يَقْصُر هذه الصفةَ عليهما، ولكن نَبَّه لهما قبْلَ الحديثِ عنهما.
١٢٦ - وأَبْيَنُ من الجميع قولُه تعالى: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لاَّ يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾ [الفرقان: ٣]، وقوله عز وجل: ﴿وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ﴾ [المائدة: ٦١].
تقديم المحدث عنه يفيد التنبيه والتحقيق:
١٢٧ - وهذا الذي قد ذكرتُ من أنَّ تقديمَ ذكرِ المحدِّث عنه يفيدُ التنبيهَ له، قد ذكَرَه صاحبُ الكتاب في المفعولِ إذا قُدِّم فرُفِع بالابتداءِ، وبُنيَ الفعلُ الناصبُ كانَ له عليه٢ وعُدِّيَ إِلى ضميرهِ فشُغِلَ به. كقولنا في "ضربت عبد الله": "عبد الله ضربته"، فقال: و "إنما" قلتُ: "عبدُ اللَّه"، فنبَّهْتُه له، ثم بَنيتُ عليه الفعل، ورفعته بالابتداء"٣.
١ الشعر لعمرة الخثعمية، ترثى ابنها، وقال أبو رياش: هو لدرماء بنت سيار بن عبعبة الخثعمية، شرح الحماسة للتبريزي ٣: ٦٠ - ٦٤.
٢ معنى العبارة: وبنى الفعل الذي كان له ناصبًا، عليه.
٣ ما بين القوسين نص كلام سيبويه في الكتاب ١: ٤١، وسيأتي أيضًا بعد قليل، في آخر رقم: ١٤١.


الصفحة التالية
Icon