القول في حذف المفعول به:
١٥١ - وإذْ قد بدأْنا في الحذفِ بذكرِ المبتدأ، وهو حذف اسم، إذا لا يكون المبتدأ إلا اسمًا، فإن أُتْبعُ ذلكَ ذكْرَ المفعولِ بهِ إذا حُذِفَ خُصوصاً، فإِنَّ الحاجَةَ إليه أمسُّ، وهو بما نحنُ بصدده أَخصُّ، واللطائفُ كأنها فيه أَكثرُ، ومما يَظْهر بسببهِ مِنَ الحُسْن والرَّوْنَقِ أَعجبُ وأَظْهَرُ١.
قاعدة ضابطة في معنى حذف الفاعل والمفعول:
١٥٢ - وههنا أصل يجب ضبطه، وهو أنم حالَ الفعلِ معَ المفعولِ، الذي يَتعدَّى إليه، حاله مع الفاعل. فكما أَنك إِذا قلتَ٢: "ضربَ زيدٌ، فأَسندْتَ الفعلَ إلى الفاعل، كان غرَضُكَ من ذلك أَنْ نثبت الضرب فعلًا له، لا أن تفيد وجوب الضرب في نفسه وعلى الإطلاق. كذلك إذا عدَّيْتَ الفعلَ إلى المفعولِ فقلتَ: "ضربَ زيدٌ عَمرا"، كان غرَضُكَ أن تُفيد التباسَ الضربِ الواقعِ مِنَ الأول بالثاني ووقوعَه عليه، فقد اجتمعَ الفاعلُ والمفعولُ في أنَّ عمَلَ الفعلَ فيهما إنَّما كان مِنْ أَجْل أن يُعْلَم التباسُ المعنى الذي اشتُقَّ منه بِهما فعَمِلَ الرفعُ في الفاعل، ليُعلَم التباسُ الضربِ به من جهةِ وقوعهِ منه والنصْبُ في المفعول، ليُعْلَم التباسُه به من جهة وقوعه عليه. ولم يكن ذلك

١ في المطبوعة: "وما يظهر".
٢ في المطبوعة وحدها: "وكما".


الصفحة التالية
Icon