إذا ورَدَ بعدَ الإبهامِ وبعدَ التَّحريك له، أبداً لطفاً ونبلاً لا يكونُ إذا لم يتقدَّمْ ما يُحرِّكُ.
وأنتَ إذا قلتَ: "لو شئتَ"، علمَ السامعُ أنكَ قد علَّقْتَ هذه المشيئةَ في المعنى بشيءٍ، فهو يَضَعُ في نفسه أن ههنا شيئاً تَقْتضي مَشيئتُه له أن يكونَ أو أن لا يكونَ. فإذا قلتَ: "لم تُفسِد سماحةَ حاتم"، عرَفَ ذلك الشيءَ ومَجيءُ "المشيئةِ" بعد "لو" وبعْدَ حروفِ الجزاءِ هكذا موقوفةٌ غيرُ مُعدَّاةٍ إلى شيءٍ، كثيرٍ شائعٍ، كقوله تعالى ﴿فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ [النحل: ٩]، والتقديرُ في ذلك كلِّه على ما ذكرتُ. فالأَصْلُ: لو شاء الله أن يجمعهم على الهدى ولو شاءَ أنْ يَهدِيَكم أجمعينَ لهَداكم إلاَّ أَنَّ البلاغةَ في أن يُجاءَ به كذلك محذوفاً.
متى يكون إظهار المفعول أحسن من حذفه:
١٦٨ - وقد يتَّفقُ في بعضِه أن يكونَ إظهارُ المفعولِ هو الأَحْسَنَ وذلك نَحْو قولِ الشاعر:
ولَوْ شِئتُ أَنْ أبْكي دماً لبَكَيْتُهُ | عليهِ ولكنْ ساحةُ الصبرِ أوْسَعُ١ |
٢ "بدع" مبتدع لا يؤلف.