هذا هو الحُسْنُ اللائقُ بالمعنى، ولو قلتَه بالفعل: "لكنْ يَمُرُّ عليها وهو ينطلقُ"، لم يحسن.
الفرق بين الخبر صفة مشبهة، والخبر إذا كان فعلا:
١٨٥ - وإذا أردت أن تعتبره حيث لا يَخْفى أَنَّ أحدَهما لا يَصْلُح في موضعِ صاحبهِ١، فانظرْ إلى قولِه تعالى: ﴿وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ﴾ [الكهف: ١٨]، فإنَّ أَحداً لا يَشكُّ في امتناعِ الفعلِ ههنا، وأنَّ قولَنا: "كَلبُهم يبسُطُ ذراعَيه"، لا يؤدِّي الغرضَ، وليس ذلك إلاَ لأنَّ الفعلَ يقتضي مزاولةَ وتجدُّدَ الصفةِ في الوقتِ، ويَقْتضي الاسمُ ثُبوتَ الصفةِ وحُصولها من غيرِ أن يكونَ هناك مُزاولةٌ وتَزْجيةُ فعلٍ، ومعنىً يَحْدُث شيئاً فشيئاً. ولا فرْقَ بينَ "وكلبهم باسِطٌ"، وبينَ أن يقولَ: "وكلْبُهم واحدٌ" مثلاً، في أنك لا تُثْبِتُ مُزاولةً، ولا تَجعل الكَلْبَ يفعل شيئاً، بل تُثْبتِهُ بصفةٍ هو عليها. فالغرضُ إذن تَأديةُ هيئةِ الكلبِ.
ومتى اعتبرْتَ الحالَ في الصِّفاتِ المشبَّهةِ وجَدْتَ الفرْقَ ظاهراً بيِّناً، ولم يَعترضْك الشكُّ في أنَّ أحدَهما لا يَصْلُح في موضعِ صاحبه. فإذا قلتَ: "زيدٌ طويلٌ"، و "عمرو قصير": لم يصلح مكانه "يطول" و "يقصر"، وإنما تقول: "يطول" و "يقصر"، إذا كان الحديثُ عن شيءٍ يَزيد ويَنمو كالشجر والنبات والصبي ونحو ذلك، ومما يتجدَّدُ فيه الطولُ أو يَحْدثُ فيه القِصَر. فأمَّا وأنتَ تُحدِّثُ عن هيئةٍ ثابتةٍ، وعن شيءٍ قد استقرَّ طولُه، ولم يكن ثمَّ تَزايدٌ وتجدُّدٌ، فلا يَصْلُح فيه إلاَّ الاسْمُ.