كالأولِ في امتناع العَطْف عليه للإشراك، فلو قلت: "زيد هو الجواد وعمرو"، كان خَلْفاً من القول.
معنى الوجه الثاني:
١٩٦ - والوجُه الثاني: أن تَقْصُرَ جِنسَ المعنى الذي تُفيدُه بالخبرِ على المُخْبرَ عنه، لا على معنى المبالغة وتَرْك الاعتدادِ بوجودهِ في غير المخْبَر عنه، بل على دَعوى أنه لا يُوجَدُ إلا منه. ولا يكونُ ذلك إلاَّ إذا قيَّدت المعنى بشيءٍ يُخصِّصُه ويجعلُه في حكمِ نوعٍ برأسهِ، وذلك كنحوِ أن يُقيَّد بالحالِ والوقْتِ كقولك: "هو الوَفِيُّ حينَ لا تَظُنَّ نفسٌ بنفسٍ خيراً". وهكذا إذا كان الخبرُ بمعنًى يتعدَّى، ثمَّ اشترطْتَ له مفعولاً مخصوصًا، كقول الأعشى:
هُوَ الواهِبُ المِئَةَ المُصْطفاةَ، | إمَّا مِخاضاً وإمَّا عِشَاراً١ |
ألا تَرى أنَّ المعنى في بيتِ الأعشى: أنه لا يَهَبُ هذه الهبةَ إلا الممدوحُ؟ وربما ظنَّ الظانُّ أنَّ "اللام" في "هُوَ الواهبُ المِئَة المُصْطفاةَ" بمنزلِتها في نحوِ "زيدٌ هو المنطلقُ"، من حديث كان القَصْد إلى هبةٍ مخصوصةٍ٢، كما كان القصدُ إلى انطلاقٍ مخصوصٍ. وليس الأمْرُ كذلك، لأنَّ القصدَ ههنا إلى جنسٍ منَ الهِبة مخصوصٍ، لا إلى هبةٍ مخصوصةٍ بعينها. يَدُلُّكَ على ذلك أن المعنى على أنه يتكرَّر منه، وعلى أن يجعلُهُ يهبُ المئةَ مرةً بعدَ أُخرى٣، وأما
١ - في ديوانه.
٢ في "ج" "إلى مئة مخصوصة"، خطأ.
٣ في المطبوعة: "وعلى أنه يجعله".
٢ في "ج" "إلى مئة مخصوصة"، خطأ.
٣ في المطبوعة: "وعلى أنه يجعله".