أنْ تزعُمَ أنَّ "لصيَّرني" فاعلاً قد نُقِلَ عنه الفعلُ، فجُعِلَ "للهوى" كما فُعِلَ ذلك في "ربحت تجارتهم" و "يحمي نساءنا ضرْبُ"، ولا تستطيعُ كذلك أن تُقدِّر "ليزيد" في قوله: "يزيدُك وجهُه" فاعلاً غيرَ "الوجهِ"، فالاعتبار إذنْ بأنْ يكونَ المعنى الذي يرجِعُ إليه الفعلُ موجوداً في الكلام على حقيقته.
معنى ذلك أن "القدوم" في قولك: "أقدمي بلدَك حقٌّ لي على إنسان"، موجودٌ على الحقيقة، وكذلك "الصيرورةُ" في قوله: "وصيَّرني هواك"، و "الزيادة" في قوله: "يزيدُك وجهُه" موجودتان على الحقيقة، وإذا كان معنى اللفظِ موجوداً على الحقيقةِ، لم يكُنِ المجازُ فيه نَفْسَه، وإِذا لم يكنِ المجازُ في نفسِ اللفظِ، كان لا مَحالة في الحُكْم. فاعرفْ هذه الجملةَ، وأَحْسِنْ ضبْطَها، حتى تكونَ على بصيرةٍ من الأمر.
٣٥٤ - ومنَ اللطيف في ذلك قولُ حاجزِ بنِ عوف:
أَبي عَبَرَ الفوارسَ يومَ دَاجٍ | وعمِّي مالكٌ وضع السهاما |
فلو صاحبتنا لرضيت منا | إذا لم تعبق المائة الغلاما١ |