٥٦٤ - وفي "كتاب الشّعرِ والشُّعراء" للمرزُباني فصلٌ في هذا المعنى حسَنٌ. قال. ومن الأَمثال القديمة قولهُم: "حَرًّا أخافُ على جاني كَمأَةٍ لا قُرّاً"١، يُضرَب مثَلاً للذي يَخافُ مِن شيءٍ فيَسْلمُ منهُ ويُصِيبهُ غيرهُ مما لم يَخَفْهُ، فأخذ هذا المعنى بعض الشعراء فقال:

وحَذِرْتُ مِنْ أَمْرٍ فمرَّ بِجانبي لم يُنْكِني ولقيت ما لم أحذر٢
وقال لبيد:
أخشى على أربد الحتوف لا أرْهَبُ نَوْءَ السّماكِ والأَسدِ٣
قال: وأخذَه البحتريُّ فاحسن وطغى اقتدارًا على العبارة، واستاعًا في المعنى، فقال:
لو أَنَّني أُوفي التجاربَ حَقَّها فيما أرَتْ لرجوت ما أخاشه٤
١ هو في جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري ١: ٣٧٣، وليس فيه "لاقرأ"، و "القر" البرد، يضرب مثلًا للرجل يخاف أمرًا وغيره أخوف منه. ومن هذا الموضع في مخطوطة "ج" المصورة عندي، مطموس في التصوير أكثره من أول ص: ٣١٠ إلى ص: ٣٢٠، فأنا أقرأ منها ما استطعت أن أقرأ.
٢ هو سهم بن حنظلة بن حلوان، أحد بني غنى بن أعصر، والشعر في المؤتلف، والمختلف للآمدي: ١٣٦، وقبله:
كم من عدو قد رماني كاشح ونجوت من أمر أغر مشهر
يقال "نكيت في العدو أنكى كناية، ونكيت العدو أنكي"، إذا كثرت فيه الجراح والقتل، فوهن أمره. وقال الآمدي: "وقوله في البيت الأخير: "ما لم أحذر" البحتري فقال:
ينال الفتى ما لم يؤمل وربما أتاحت له الأقدار ما لم يحاذبر
٣ الشعر في ديوان لبيد.
٤ هو في ديوانه.


الصفحة التالية
Icon