فصل- النظم هو توخي معاني الإعراب:


٤٨ - واعلمْ أَنك إِذا رجعتَ إلى نفسِك علمتَ علْماً لا يعترضُه الشكُّ، أنْ لا نَظْمَ في الكَلِم ولا ترتيبَ، حتى يُعلَّقَ بعضُها ببعضٍ، وَيْبني بعضُها على بَعض، وتُجعلَ هذه بسبب من تلك. هذا ما لا يَجهلُه عاقلٌ ولا يخْفَى على أحدٍ منَ الناس.
وإِذا كانَ كذلك، فبِنا أَنْ نَنْظر إلى التَّعليق فيها والبناءِ، وجعْلِ الواحدةِ منها بسببٍ من صاحِبَتِها، ما معناهُ وما مَحْصولُه؟ وإِذا نَظَرْنا في ذلك، عَلمْنا أنْ لا محصولَ لها غيرُ أنْ تَعْمدَ إلى اسمٍ فتَجْعلَه فاعلاً لفعلٍ أو مفعولاً، أو تَعْمَدَ إلى اسمَيْن فتَجْعلَ أحدَهما خبراً عنِ الآخر أو تُتْبعَ الاسمَ اسماً على أن يكونَ الثاني صفة للأول، أو تأكيد له، أو بدلاً منه أو تَجِيءَ باسمٍ بَعْد تمامِ كلامكَ على أن يكونَ الثاني صفةً أو حالاً أو تمييزاً١ أوْ تتوخَّى في كلامٍ هو لإِثباتِ معنى، أن يصَير نفْياً أو استفهاماً أو تمنياً، فتُدخِلَ عليه الحروفَ الموضوعةَ لذلك أَوْ تُريد في فعلينِ أن تَجعل أحدَهما شَرْطاً في الآخر، فتجيءَ بهما بعدَ الحرفِ الموضوع لهذا المعنى، أو بَعْد اسمٍ منَ الأسماءِ التي ضَمِنَتْ معنى ذلكَ الحرفِ، وعلى هذا القياس.
وإِذا كانَ لا يكونُ في الكِلِم نَظْمٌ ولا ترتيبٌ إلاَّ بأنْ يُصْنَع بها هذا الصنيعُ ونحوَهُ، وكان ذلك كلُّه مما لا يَرْجِعُ منه إلى الفظ شيءٌ، ومما لا يُتَصوَّر أن يكونَ فيه ومِنْ صفتهِ، بَانَ بذلك أنَّ الأَمرَ على ما قلناه، من أن اللفظ تبع
١ في المطبوعة: "أن يكون الثاني صفة"، وليست في المخطوطتين، وأشار في هامش المطبوعة أنها محذوفة في نسخة أخرى.


الصفحة التالية
Icon