عرضها، وها هي هذه قد جئتكم بها، فانظروا فيها لتعلموا أنكم قد غررتم؟ ".
ومعلوم بالضرورة أن هذا الرجل لو كان من المجانين، لما صح أن يفعل ذلك، فكيف بقوم هم أرجح أهل زمانهم عقولًا، وأكملهم معرفة، وأجزلهم رأيًا، وأثقبهم بصيرة؟ فهذه دلالة "الأحوال".
٧ - ١وأما "الأقوال" فكثيرة:
منها حديث ابن المغيرة٢، روى أنه جاء حتى أتى قريشًا فقال: إن الناس يجتمعون غدًا بالموسم، وقد فشا أمر هذا الرجل في الناس، فهم سائلوكم عنه فماذا تردون عليهم٣؟ فقالوا: مجمون يخنق. فقال: يأتونه فيكلمونه فيجدونه صحيحًا فصيحًا عاقلًا٤، فيكذبونكم! قالوا نقول: هو شاعر. قال: هم العرب، وقد رووا الشعر، وفيهم الشعراء، وقوله ليس يشبه الشعر، فيكذبونكم! قالوا نقول: هو كاهن. قال: إنهم لقوا الكهان، فإذا سمعوا قوله لم يجدوه يشبه الكهنة، فيكذبونكم!
ثم انصرف إلى منزلة فقالوا: صبأ الوليد يعنون: أسلم، ولئن صبأ لا يبقى أحد إلا صبأ. فقال لهم ابن أخيه أبو جهل بن هشام بن المغيرة: أنا

١ مضت دلالة "الأحوال" التي بدأت في رقم: ٥، وتبدأ دلالة "الأقوال". وزاد الناشران هنا لفظ "دلالة" قبل الأقوال، ولا حاجة إليها، لأنه قال في رقم: ٥ "وأما الأحوال"، فكذلك فعل هنا.
٢ هو أبو المغيرة، الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وكان ذا سن ومهابة في قريش، وحديثه في سيرة ابن هشام ١: ٢٨٨، ٢٨٩ بغير هذا اللفظ، ولم أقف عليه بهذا اللفظ بعد.
٣ في المخطوطة: "تردون عليه"، والصواب ما أثبته الناشران "عليهم".
٤ غيرها الناشران فكتبا: "عادلًا"، وهو لا معنى له.


الصفحة التالية
Icon