فصل:
١٤ - واعلم أن ههنا بابًا من التلبيس أنت تجده يدور في أنس قوم من الأشقياء، وتراهم يومئون إليه، ويهمسون به، ويستهوون الغر الغبي بذكره، وهو قولهم: "قد جرت العادة بأن يبقى في الزمان من يفوت أهله حتى يسلموا له، وحتى لا يطمع أحد في مداناته، وحتى ليقع الإجماع منهم أنه الفرد الذي لا ينازع١. ثم يذكرون أمرأ القيس والشعراء الذين قدموا على من كان معهم من أعصارهم، ومما ذكروا الجاحظ وكل مذكور بأنه كان أفضل من كان في عصره، ولهم في هذا الباب خبط وتخليط لا إلى غاية. وهي نفثة نفثها الشيطان فيهم، وإنما أتوا من سوء تدبرهم لما يسمعون٢، وتسرعهم إلى الاعتراض قبل تمام العلم بالدليل. وذلك أن الشرط في المزية الناقضة للعادة، أن يبلغ الأمر فيها إلى حيث المداناة، وحتى لا تحدث نفس صاحبها بأن يتصدى، ولا يجول في خلد أن الإتيان بمثله يمكن، وحتى يكون يأسهم منه وإحساسهم بالعجز عنه في بعضه، مثل ذلك في كله.
١٥ - وليت شعري، من هذا الذي سلم لهم أنه كان في وقت من الأوقات من بلغ أمره في المزية وفي العلو على أهل زمانه هذا المبلغ، وانتهى إلى هذا الحد؟ إن
١ في المخطوطة: و "حتى لا يقع الإجماع منه"، وصححه الناشران: "حتى ليقع الإجماع فيه... " والجيد ما أثبت.
٢ في المخطوطة والمطبوعة: "سوء تدبيرهم"، وهو خطأ.
٢ في المخطوطة والمطبوعة: "سوء تدبيرهم"، وهو خطأ.