بسم الله الرحمن الرحيم

الرسالة الشافية في وجوه الإعجاز، والقول في الصرفة:

فصل:


في الذي يلزم القائلين بالصرفة:
٣٧ - اعلم أن الذي يقع في الظن من حديث القول بالصرفة، أن يكون الذي ابتدأ القول بها ابتدأه على توهم أن التحدي كان إلى أن يعبر عن أنفس معاني القرآن بمثل لفظه ونظمه، دون أن يكون قد أطلق لهم وخيوا في المعاني كلها. ذاك لأن في القول بها على غير هذا الوجه أمورًا شنيعة، يبعد أن يرتكبها العاقل ويدخل فيها. وذاك أنه يلزم عليه أن تكون العرب قد تارجعت حالها في البلاغة والبيان، وفي جودة النظم وشرف اللفظ وأن يكونوا قد نقصوا في قرائحهم وأذهانهم، وعدموا الكثير مما كانوا يستطيعون وأن تكون أشعارهم التي قالوها، والخطب التي قاموا بها، وكل كلام احتفلوا فيه١، من بعد أن أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وتحدوا إلى معارضه القرآن٢ قاصرة عما سمع منهم من قبل ذلك القصور الشديد، وأن يكون قد ضاق عليهم في الجملة مجال قد كان يتسع لهم، ونضبت عنهم نمواد قد كانت تعزر٣. وخذلتهم قوى قد كانوا يصولون بها، وأن تكون أشعار شعار النبي ﷺ التي قالوها في مدحه عليه السلام وفي الرد على المشركين ناقصة متقاصرة عن شعرهم في الجاهلية، وأن يشك في الذي روي في شأن حسان من نحو
١ في المخطوطة والمطبوعة: "وكل كلام اختلفوا فيه"، وهو لا معنى له.
٢ السياق: "وأن تكون أشعارهم التي قالوها. قاصرة عما سمع منهم".
٣ غير ما في المخطوطة، وكتب "موارد قد كانت".


الصفحة التالية
Icon