الصورة؟ إنا وإن كنا نسمع قولًا له فضل ومزية على ما قلناه، فإنه ليس بالذي ينبغي أن نعجز عنه هكذا حتى لا نستطيع في معارضته ما نرضى١، فلا ندري أسحرنا أماذا كان؟ " ففي أن لم يرو عنهم شيء من هذا الجنس على وجه من الوجوه، دليل أن لا أصل لما توهموه، وأنه تلفيق باطل.
ثم إنه ليس في العادة أن يدعن الرجل لخصمه، ويستكين له، ويلقى بيده، ويسكت على تقريعه له بالعجز وترديده لاقول في ذلك، وقدر ما ظهر من المزية قدر قد يطمع الإنسان في مثله٢، ويرى أنه يناله إذا هو اجتهد وتعمد٣ بل العادة في مثل هذا أن يدفع العجز عن نفسه، وأن يجحد الذي عرف لصاحبه من المزية ويتشدد، كما فعل حسان٤، فيدعي في مساواته، وأنه إن كان جرى إلى غاية رأي لنفسه بها تقدما إنه ليجري إلى مثلها، وأن يقول: "لا تغل ولا تفرط ولا تشتط في دعواك، فلئن كنت قد نلت بعض السبق، إنك لم تبعد المدى بعد من لا يداني ولا يشك غباره، فرويدًا، وأكفف من غلوائك".
٤٧ - واعلم أنهم يتمحلهم هذا قد وقعوا في امر يوهي قاعدتهم، ويقدح في أصل مقالتهم، فقد نظروا لأنفسهم من وجه وتركوا النظر لها من آخر. وذاك أن من حق المنع إذا جعل آية وبرهانًا، ولا سيما للنبوة، أن يكون في اظهر الأمور،
٢ في المخطوطة والمطبوعة: "وقدر اأظهر من المزنة... "، وهو خطأ ظاهر.
٣ السياق: "ثم إنه ليس في العادة... بل العادة".
٤ لم أقف عبد على أمر حسان.