بسم الله الرحمن الرحيم

٤٩ - قول من قال: "إنه يجوز أن يقدر الواحد من الناس من بعد انقضاء زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ومضى وقت التحدي، على أن يأتي بما يشبه القرآن ويكون مثله، لأن ذلك لا يخرج عن أن يكون قد كان معجزًا في زمان النبي صلى الله عليه وسلم١، وحين تحدى العرب إليه"٢ قول لا يصح إلا لمن لا يجعل القرآن معجزًا في نفسه٣، ويذهب فيه إلى "الصرفة".
فأما الذي عليه العلماء من أنه معجز في نفسه، وأنه في نظمه وتأليفه على وصف لا يهتدي الخلق إلى الإتيان بكلام هو في نظمه وتأليفه على ذلك الوصف، فلا يصح البتة ذاك لا فرق بين أن يكون الفعل معجزًا في جنسه كإحياء الموتى، وبين أن يكون معجزًا لوقوعه على وصف، وإذا كان كذلك، فكما أنه محال أنه يكون ههنا إحياء ميت لا من فعل الله، كذلك محال أن يكون ههنا نظم مثل نظم القرآن لا من فعله تعالى. فهذا هو.
ثم إنه قول إذ نقر عنه انكشف عن أمر منكر، وهو إخراج أن يكون وحيًا من الله، وأن يكون النبي ﷺ قد تلقاه عن جبريل عليه السلام والذهاب إلى أنت يكون قد كان على سبيل الإلهام، وكالشيء يلقى في نفس الإنسان ويهدى له من طريق الخاطر والهاجس الذي يهجس في القلب. وذلك مما يستعاذ بالله منه، فإنه تطرق للإحاد، والله ولي العصمة والتوفيق.
١ في المخطوطة والمطبوعة: "إلا أن ذلك لا يخرج"، وهو خطأ من الناسخ لا شك فيه.
٢ السياق: "قوله من قال.... قول لا يصح".
٣ في المطبوعة: "إلا لمن يجعل القرآن"، سقطت "لا".


الصفحة التالية
Icon