إِليه ثم قولُه: "فكالسَّيف" وعطفُه بالفاء مع حَذفهِ المبتدأَ، لأنَّ المعنى لا محالةَ: فهو كالسَّيف ثم تكريرُهُ "الكاف" في قولِه: "وكالبحر" ثم أنْ قرَنَ إِلى كلَّ واحدٍ منَ التَّشبيهين شرطاً جوابُه فيه ثم أَنْ أخرجَ من كلَّ واحدٍ منَ الشَّرطين حالاً على مثالِ ما أخرَجَ مِن الآخرِ، وذلك قولهُ "صارخًا" هناك "ومستثيبًا" ههنا؟ لا تَرى حُسْناً تَنسِبُه إِلى النَّظمِ ليس سَببُهَ ما عددتُ، أو ما هو في حُكْم ما عددتُ، فاعْرفْ ذلك.
٧٩ - وإِن أردتَ أَظْهرَ أمراً في هذا المعنى، فانظره إِلى قولِ إِبراهيمَ بنِ العَبّاس:

فلَوْ إذْ نَبَا دَهرٌ، وأَنْكَرَ صاحبٌ، وسُلِّطَ أعداءٌ، وغابَ نَصيرُ
تكونُ عنِ الأهوازِ داري بنَجْوةٍ، ولكنْ مَقَاديرٌ جَرَتْ وأُمورُ
وإِنّي لأَرْجو بَعْدَ هذا محمَّداً لأِفضَلِ ما يُرجى أخٌ ووَزيرُ١
فإِنك تَرى ما ترى من الرَّوْنَقِ والطَّلاوة، ومن الحسن والحلاوة، ثم "إذْ نَبَا" على عاملهِ الذي هو "تكونُ"، وأَنْ لم يَقُلْ: فلو تكونُ عن الأهوازِ داري بنجوةِ إِذْ نبا دهرٌ ثم أَنْ قال: "تكونُ"، ولم يقُلْ "كان" ثم أَنْ أنكر الدهر ولم يقل: "إِذ نبا الدَّهرُ" = ثمَّ أنْ ساقَ هذا التنكيرَ في جميعِ ما أَتى به مِن بَعْد ثم أَنْ قال وأَنْكَرَ صاحبٌ ولم يقل وأنكرتُ صاحباً لا تَرى في البيتين الأَولين شيئاً غيرَ الذي عدَدْتُه لك تجعلُه حَسْناً في "النَّظم"، وكلُّه من معاني النَّحو كما ترى. وهكذا السبيلُ أبداً في كل حُسْنٍ ومَزيَّة رأيتَهما قد نُسبا إِلى "النظمِ"، وفَضْلٍ وشَرفٍ أُحِيلَ فيهما عليه.
١ في ديوانه "الطرائف الأدبية": ١٣٢، بقوله للوزير محمد بن عبد الملك الزيات.


الصفحة التالية
Icon