الدّين وَلَا يَهْتَدُونَ لسنة النَّبِي فَكيف هم يقتدون بهم
﴿يَا أَيهَا الَّذين آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ﴾ أَقبلُوا على أَنفسكُم ﴿لاَ يَضُرُّكُمْ مَّن ضَلَّ﴾ ضَلَالَة من ضل ﴿إِذَا اهْتَدَيْتُمْ﴾ إِلَى الْإِيمَان وبينتم ضلالتهم ﴿إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ﴾ بعد الْمَوْت ﴿جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ﴾ يُخْبِركُمْ ﴿بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ﴾ وتقولون من الْخَيْر وَالشَّر نزلت هَذِه الْآيَة من قَوْله عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ إِلَى هَهُنَا فِي مُشْركي أهل مَكَّة حِين قبل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من أهل الْكتاب الْجِزْيَة وَلم يقبل مِنْهُم وَقد بيّنت قصَّة هَذَا فِي سُورَة الْبَقَرَة
﴿يِا أَيُّهَا الَّذين آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ﴾ عَلَيْكُم بِالشَّهَادَةِ فِيمَا يكون بَيْنكُم فِي السّفر والحضر ﴿إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت حِينَ الْوَصِيَّة﴾ عِنْد وَصِيَّة الْمَيِّت ﴿اثْنَان﴾ فليشهد شَاهِدَانِ ﴿ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ﴾ من أحراركم حران وَيُقَال من قومكم ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ من غير أهل دينكُمْ وَيُقَال من غير قومكم ثمَّ ذكر السّفر وَترك الْحَضَر فَقَالَ ﴿إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ﴾ سِرْتُمْ وسافرتم ﴿فِي الأَرْض فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْت﴾ نزلت هَذِه الْآيَة فِي ثَلَاث نفر اصطحبوا فِي التِّجَارَة إِلَى الْبَلَد بلد الشَّام فَمَاتَ أحدهم بِالْبَلَدِ يُقَال لَهُ بديل بن أبي مَارِيَة مولى عَمْرو بن الْعَاصِ وَكَانَ مُسلما فأوصى صَاحِبيهِ عدي بن بداء وَتَمِيم ابْن أَوْس الدَّارِيّ وَكَانَا نَصْرَانِيين فخانا فِي الْوَصِيَّة فَقَالَ الله لأولياء الْمَيِّت ﴿تَحْبِسُونَهُمَا﴾ يَعْنِي النصرانيين ﴿مِن بَعْدِ الصَّلَاة﴾ صَلَاة الْعَصْر ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّه﴾ فيحلفان بِهِ ﴿إِنِ ارتبتم﴾ إِن شَكَكْتُمْ يَا أَوْلِيَاء الْمَيِّت إِن المَال أَكثر مِمَّا أَتَيَا بِهِ ﴿لاَ نَشْتَرِي بِهِ﴾ وليقولا لَا نشتري بِالْيَمِينِ ﴿ثَمَناً﴾ عوضا يَسِيرا من الدُّنْيَا ﴿وَلَوْ كَانَ ذَا قربى﴾ وَلَو كَانَ الْمَيِّت ذَا قرَابَة منا فِي الرَّحِم ﴿وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ الله﴾ وليقولا لَا نكتم شَهَادَة الله عندنَا إِذا سئلنا ﴿إِنَّآ﴾ إِن كتمنا ﴿إِذَاً﴾ حِينَئِذٍ ﴿لَّمِنَ الآثمين﴾ العاصين فَتبين بعد مَا حلفا خيانتهما وَعلم بذلك أَوْلِيَاء الْمَيِّت فَقَالَ الله
﴿فَإِنْ عُثِرَ﴾ فَإِن اطلع ﴿على أَنَّهُمَا﴾ يَعْنِي النصرانيين ﴿استحقآ﴾ استوجبا ﴿إِثْماً﴾ خِيَانَة ﴿فَآخَرَانِ﴾ وليان من أَوْلِيَاء الْمَيِّت وهما عَمْرو بن الْعَاصِ ومطلب بن أبي ودَاعَة ﴿يِقُومَانُ مَقَامَهُمَا﴾ مقَام النصرانيين ﴿مِنَ الَّذين اسْتحق عَلَيْهِمُ﴾ الْخِيَانَة يَعْنِي النصرانيين وَيُقَال من الَّذين استكتم المَال مِنْهُمَا يَعْنِي من أَوْلِيَاء الْمَيِّت ﴿الأوليان﴾ بِالْمَالِ مقدم ومؤخر ﴿فَيُقْسِمَانِ بِاللَّه﴾ فيحلفان بِاللَّه أَي أَوْلِيَاء الْمَيِّت إِن المَال أَكثر مِمَّا أَتَيَا بِهِ ﴿لَشَهَادَتُنَا﴾ شَهَادَة الْمُسلمين ﴿أَحَقُّ﴾ اصدق (مِن شَهَادَتِهِمَا) شَهَادَة النصرانيين ﴿وَمَا اعتدينآ﴾ وليقولا وَمَا اعتدينا فِيمَا أدعينا ﴿إِنَّا إِذاً﴾ إِن اعتدينا فِيمَا أدعينا ﴿لَّمِنَ الظَّالِمين﴾ الضارين الْكَاذِبين
﴿ذَلِك أدنى﴾ أَحْرَى وأجدر ﴿أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ﴾ يَعْنِي النصرانيين ﴿على وَجْهِهَآ﴾ كَمَا كَانَت ﴿أَوْ يخَافُوا﴾ أَو يخافا النصرانيان ﴿أَن تُرَدَّ أَيْمَانٌ﴾ أيمانهما ﴿بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ بعد شَهَادَة الرجلَيْن الْمُسلمين فَلَا يكتمان ﴿وَاتَّقوا الله﴾ اخشوا الله فِي أَمَانَته ﴿واسمعوا﴾ مَا تؤمرون بِهِ وَأَطيعُوا الله ﴿وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْم الْفَاسِقين﴾ لَا يرشد العاصين الْكَاذِبين الْكَافرين إِلَى دينه وحجته من لم يكن أَهلا لذَلِك
﴿يَوْمَ يَجْمَعُ الله الرُّسُل﴾ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة ﴿فَيَقُولُ﴾ لَهُم فِي بعض المواطن فِي وَقت الدهشة ﴿مَاذَآ أُجِبْتُمْ﴾ مَاذَا أجابكم الْقَوْم ﴿قَالُواْ﴾ من شدَّة الْمَسْأَلَة وهول ذَلِك الموطن ﴿لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغيوب﴾ بِمَا غَابَ عَنَّا من إِجَابَة الْقَوْم ثمَّ يجيبون بعد ذَلِك فَيَشْهَدُونَ على قَومهمْ بالبلاغ
﴿إِذْ قَالَ الله﴾ قد قَالَ الله ﴿يَا عِيسَى ابْن مَرْيَمَ اذكر نِعْمَتِي﴾