﴿عَلَى الله كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكتاب﴾ مَا وعدهم فِي الْكتاب من سَواد الْوُجُوه وزرقة الْأَعْين أنظرهم يَا مُحَمَّد ﴿حَتَّى إِذَا جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا﴾ يَعْنِي ملك الْمَوْت وأعوانه ﴿يَتَوَفَّوْنَهُمْ﴾ يقبضون أَرْوَاحهم ﴿قَالُوا﴾ عِنْد قبض أَرْوَاحهم ﴿أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ﴾ تَعْبدُونَ ﴿مِن دُونِ الله﴾ فيمنعونكم عَنَّا ﴿قَالُواْ ضَلُّواْ عَنَّا﴾ اشتغلوا عَنَّا بِأَنْفسِهِم ﴿وَشَهِدُواْ على أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ﴾ بِاللَّه وبالرسل فِي الدُّنْيَا
﴿قَالَ﴾ الله لَهُم ﴿ادخُلُوا﴾ النَّار ﴿فِي أُمَمٍ﴾ مَعَ أُمَم ﴿قَدْ خَلَتْ﴾ قد مَضَت ﴿مِن قَبْلِكُمْ مِّن الْجِنّ وَالْإِنْس﴾ من كفار الْجِنّ وَالْإِنْس ﴿فِي النَّار كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ﴾ أهل دين ﴿لَّعَنَتْ أُخْتَهَا﴾ دعت على الَّتِي دخلت قبلهَا ﴿حَتَّى إِذَا اداركوا فِيهَا﴾ اجْتَمعُوا فِي النَّار ﴿جَمِيعاً﴾ الأول فَالْأول ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ﴾ أُخْرَى الْأُمَم ﴿لأُولاَهُمْ﴾ لأولى الْأُمَم ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ﴾ يَعْنِي الرؤساء ﴿أَضَلُّونَا﴾ عَن دينك وطاعتك ﴿فَآتِهِمْ عَذَاباً ضِعْفاً مِّنَ النَّار﴾ عذبهم مثل عذابنا مرَّتَيْنِ ﴿قَالَ﴾ الله لَهُم ﴿لِكُلٍّ﴾ لكل وَاحِد مِنْهُم ﴿ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك من شدَّة عذابكم
﴿وَقَالَتْ أُولاَهُمْ﴾ أولى الْأُمَم ﴿لأُخْرَاهُمْ﴾ لأخرى الْأُمَم ﴿فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ﴾ أَن يكون عذابنا ضعفا كَفرْتُمْ كَمَا كفرنا وعبدتم من دون الله كَمَا عَبدنَا فَيَقُول الله لَهُم ﴿فَذُوقُواْ الْعَذَاب بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ تَقولُونَ وتعملون من الشّرك فِي الدُّنْيَا
﴿إِن الَّذين كذبُوا بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿واستكبروا﴾ عَنْهَا عَن الْإِيمَان بهَا ﴿لاَ تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السمآء﴾ لرفع أَعْمَالهم وَلَا لرفع أَرْوَاحهم ﴿وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجنَّة حَتَّى يَلِجَ الْجمل فِي سَمِّ الْخياط﴾ كَمَا لَا يدْخل الْجمل فِي سم الْخياط فِي ثقب الإبرة وَيُقَال حَتَّى يدْخل الْجمل فِي خرق الإبرة وَيُقَال حَتَّى يدْخل القلس الْحَبل الَّذِي تشد بِهِ السَّفِينَة فِي خرق الإبرة ﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي الْمُجْرمين﴾ الْمُشْركين
﴿لَهُمْ مِّن جَهَنَّمَ مِهَاد﴾ فرَاش من نَار ﴿وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ غاشية من نَار ﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين
﴿وَالَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً﴾ من الْجهد ﴿إِلاَّ وُسْعَهَا﴾ إِلَّا طاقتها ﴿أُولَئِكَ﴾ يَعْنِي الْمُؤمنِينَ ﴿أَصْحَابُ الْجنَّة﴾ أهل الْجنَّة ﴿هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ دائمون لَا يموتون وَلَا يخرجُون مِنْهَا
﴿وَنَزَعْنَا﴾ أَخرجنا ﴿مَا فِي صُدُورِهِم﴾ قُلُوبهم ﴿مِّنْ غِلٍّ﴾ بغض وحسد وعداوة فِي الدُّنْيَا ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ﴾ فِي الْآخِرَة من تَحت مساكنها وسررهم ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿وَقَالُواْ﴾ إِذا بلغُوا إِلَى مَنَازِلهمْ وَيُقَال إِلَى عين الْحَيَوَان ﴿الْحَمد لِلَّهِ﴾ الشُّكْر والْمنَّة لله ﴿الَّذِي هَدَانَا لهَذَا﴾ الْمنزل وَالْعين ﴿وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا الله﴾ إِلَيْهِ وَيُقَال لما رَأَوْا كَرَامَة الله بِإِيمَان قَالُوا الْحَمد لِلَّهِ الشُّكْر والْمنَّة لله الَّذِي هَدَانَا لهَذَا الدّين دين الْإِسْلَام وَمَا كُنَّا لنهتدي لدين الْإِسْلَام لَوْلَا أَن هدَانَا الله لدينِهِ ﴿لَقَدْ جَاءَت رسل رَبنَا بِالْحَقِّ﴾ والبشرى بالثواب والكرامة ﴿ونودوا أَن تِلْكُمُ الْجنَّة أورثتموها﴾
أعطيتموها ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ وتقولون فِي الدُّنْيَا من الْخيرَات
﴿ونادى أَصْحَابُ الْجنَّة أَصْحَابَ النَّار أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا﴾ من الثَّوَاب والكرامة ﴿حَقّاً﴾ صدقا كَائِنا ﴿فَهَلْ وَجَدتُّم﴾ يَا أهل النَّار ﴿مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ﴾ من الْعَذَاب والهوان ﴿حَقّاً﴾ صدقا كَائِنا ﴿قَالُواْ نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ﴾ فَنَادَى مُنَاد بَين أهل الْجنَّة وَالنَّار ﴿أَن لَّعْنَةُ الله﴾ عَذَاب الله ﴿عَلَى الظَّالِمين﴾ الْكَافرين
﴿الَّذين يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله﴾ يصرفون النَّاس عَن دين الله وطاعته ﴿وَيَبْغُونَهَا عِوَجاً﴾ يطلبونها مُغيرَة ﴿وَهُمْ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿كَافِرُونَ﴾ جاحدون
﴿وَبَيْنَهُمَا﴾ بَين الْجنَّة وَالنَّار ﴿حِجَابٌ﴾ سور ﴿وَعَلَى الْأَعْرَاف رِجَالٌ﴾ وعَلى السُّور رجال وهم قوم اسْتَوَت حسناتهم بسيئاتهم وَيُقَال هم قوم كَانُوا عُلَمَاء فُقَهَاء شاكين فِي الرزق ﴿يَعْرِفُونَ كُلاًّ﴾ كلا الْفَرِيقَيْنِ من دخل النَّار وَمن دخل الْجنَّة ﴿بِسِيمَاهُمْ﴾ يعْرفُونَ من دخل النَّار بسواد وَجهه وزرقة عَيْنَيْهِ وَمن دخل الْجنَّة ببياض وَجهه أغر محجل ﴿وَنَادَوْاْ﴾ يَعْنِي أهل السُّور ﴿أَصْحَابَ الْجنَّة أَن سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ﴾ يَا أَهل الْجنَّة ﴿لَمْ يَدْخُلُوهَا﴾ ﴿وَهُمْ يَطْمَعُونَ﴾ فِي الدُّخُول يَعْنِي أَصْحَاب الْأَعْرَاف
﴿وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ﴾ إِذا نظرُوا ﴿تِلْقَآءَ أَصْحَابِ النَّار﴾ نَحْو أَهل النَّار ﴿قَالُواْ رَبَّنَا﴾ يَا رَبنَا ﴿لاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْم الظَّالِمين﴾ الْكَافرين فِي النَّار
﴿ونادى أَصْحَابُ الْأَعْرَاف رِجَالاٍ﴾ من الْكفَّار ﴿يَعْرِفُونَهُمْ﴾ قبل دُخُولهمْ النَّار ﴿بِسِيمَاهُمْ﴾ بسواد وُجُوههم وزرقة أَعينهم ﴿قَالُواْ﴾ يَا وليد بن الْمُغيرَة وَيَا أَبا جهل بن هِشَام وَيَا أُميَّة بن خلف وَيَا أبي بن خلف الجُمَحِي وَيَا أسود ابْن عبد الْمطلب وَيَا سَائِر الرؤساء ﴿مَآ أغْنى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ﴾ من المَال والخدم ﴿وَمَا كُنْتُمْ تستكبرون﴾ تتعظمون عَن الْإِيمَان بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن
ثمَّ نظرُوا إِلَى أَصْحَاب الْجنَّة فَرَأَوْا فِي الْجنَّة سلمَان الْفَارِسِي وصهيباً وَعمَّارًا وَسَائِر الضُّعَفَاء والفقراء قَالُوا ﴿أَهَؤُلَاءِ﴾ الضُّعَفَاء ﴿الَّذين أَقْسَمْتُمْ﴾ حلفتم فِي الدُّنْيَا يَا معشر الْكفَّار ﴿لاَ يَنَالُهُمُ الله بِرَحْمَةٍ﴾ لَا يدخلهم الله الْجنَّة وَقد دخلُوا الْجنَّة على رغم أنوفكم ثمَّ يَقُول الله لأَصْحَاب الْأَعْرَاف ﴿ادخُلُوا الْجنَّة لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ﴾ من الْعَذَاب ﴿وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ﴾
﴿ونادى أَصْحَابُ النَّار أَصْحَابَ الْجنَّة أَنْ أَفِيضُواْ﴾ صبوا ﴿عَلَيْنَا مِنَ المآء أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله﴾ من ثمار الْجنَّة ﴿قَالُوا﴾ يَعْنِي أهل الْجنَّة ﴿إِنَّ الله حَرَّمَهُمَا﴾ يَعْنِي ثمار الْجنَّة وَالْمَاء ﴿عَلَى الْكَافرين﴾
﴿الَّذين اتَّخذُوا دِينَهُمْ لَهْواً﴾ بَاطِلا ﴿وَلَعِباً﴾ فَرحا وَيُقَال ضحكة وسخرية ﴿وغرتهم الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ مافي الدُّنْيَا من الزهرة وَالنَّعِيم ﴿فاليوم﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿نَنسَاهُمْ﴾ نتركهم فِي النَّار ﴿كَمَا نَسُواْ﴾ كَمَا تركُوا ﴿لِقَآءَ يَوْمِهِمْ هَذَا﴾ الْإِقْرَار بيومهم هَذَا ﴿وَمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا﴾ بكتابنا ورسولنا ﴿يَجْحَدُونَ﴾ يكفرون
﴿وَلَقَد جئناهم بِكِتَاب﴾ يَقُول أرسلنَا إِلَيْهِم مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ ﴿فَصَّلْنَاهُ﴾ بَيناهُ ﴿على عِلْمٍ﴾ بِعلم منا وَيُقَال علمناه ﴿هُدًى﴾ من الضَّلَالَة


الصفحة التالية
Icon