﴿بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ دم جدي وَيُقَال طري إِن قَرَأت بِالدَّال ﴿قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ﴾ زينت ﴿لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْراً﴾ فِي هَلَاك يُوسُف ففعلتم ﴿فَصَبْرٌ جَمِيلٌ﴾ فعلى صَبر جميل بِلَا جزع ﴿وَالله الْمُسْتَعَان﴾ مِنْهُ أستعين ﴿على مَا تَصِفُونَ﴾ على صبري على مَا تَقولُونَ من هَلَاكه وَلم يُصدقهُمْ فِي قَوْلهم لأَنهم قَالُوا مرّة أُخْرَى قبل هَذَا قَتله اللُّصُوص
﴿وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ﴾ قافلة من الْمُسَافِرين من قبل مَدين يُرِيدُونَ مصر فتحيروا فِي الطَّرِيق فأخطئوا الطَّرِيق فَجعلُوا يهيمون فِي الأَرْض حَتَّى وَقَعُوا فِي الْأَرَاضِي الَّتِي فِيهَا الْجب وَهِي أَرض دوثن بَين مَدين ومصر فنزلوا عَلَيْهِ ﴿فَأَرْسَلُواْ وَارِدَهُمْ﴾ فَأرْسل كل قوم طَالب المَاء وَهُوَ ساقيهم فَوَافَقَ جب يُوسُف مَالك بن دعر رجل من الْعَرَب من أهل مَدين ابْن أخي شُعَيْب النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام ﴿فأدلى دَلْوَهُ﴾ فَأرْخى دلوه فِي جب يُوسُف فَتعلق يُوسُف بِهِ فَلم يقدر على نَزعه من الْبِئْر فَنظر فِيهِ فَرَأى غُلَاما قد تعلق بالدلو فَنَادَى أَصْحَابه ﴿قَالَ يَا بشرى﴾ هَذَا بشراي يَا أَصْحَابِي قَالُوا مَا ذَلِك يَا مَالك قَالَ ﴿هَذَا غُلاَمٌ﴾ أحسن مَا يكون من الغلمان فَاجْتمعُوا عَلَيْهِ فأخرجوه من الْجب ﴿وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً﴾ وكتموه من الْقَوْم وَقَالُوا لقومهم هَذِه بضَاعَة استبضعها أهل المَاء لنبيعه لَهُم بِمصْر ﴿وَالله عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾ بِيُوسُف يَعْنِي إخْوَة يُوسُف وَيُقَال أهل الْقَافِلَة
﴿وَشَرَوْهُ﴾ باعوه إخْوَته من مَالك بن دعر ﴿بِثَمَنٍ بَخْسٍ﴾ نُقْصَان بِالْوَزْنِ وَيُقَال زيوف وَيُقَال حرَام ﴿دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ﴾ عشْرين درهما وَيُقَال اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ درهما ﴿وَكَانُواْ فِيهِ﴾ فِي ثمن يُوسُف ﴿مِنَ الزاهدين﴾ لم يحتاجوا إِلَيْهِ وَيُقَال كَانَ إخْوَة يُوسُف فِي يُوسُف من الزاهدين لم يعرفوا قدره ومنزلته عِنْد الله تَعَالَى وَيُقَال كَانَ أهل الْقَافِلَة فِي يُوسُف من الزاهدين
﴿وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ﴾ اشْترى يُوسُف ﴿مِن مِّصْرَ﴾ فِي مصر وَهُوَ الْعَزِيز خَازِن الْملك وَهُوَ صَاحب جُنُوده وَكَانَ يُسمى قطفير ﴿لاِمْرَأَتِهِ﴾ زليخا ﴿أَكْرِمِي مَثْوَاهُ﴾ قدره ومنزلته ﴿عَسى أَن يَنفَعَنَآ﴾ فِي ضيعتنا ﴿أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً﴾ أَو نتبناه وَكَانَ اشْتَرَاهُ من مَالك بن دعر بِعشْرين درهما وحلة ونعلين ﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿مَكَّنَّا لِيُوسُفَ﴾ ملكنا يُوسُف ﴿فِي الأَرْض﴾ أَرض مصر ﴿وَلِنُعَلِّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الْأَحَادِيث﴾ تَعْبِير الرُّؤْيَا ﴿وَالله غَالِبٌ على أَمْرِهِ﴾ على مقدوره وَلَا يرد مقدوره أحد ﴿وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاس﴾ أهل مصر ﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك وَلَا يصدقون وَيُقَال لَا يعلمُونَ أَن الله غَالب على أمره
﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ﴾ والأشد من ثَمَان عشرَة سنة إِلَى ثَلَاثِينَ سنة ﴿آتَيْنَاهُ﴾ أعطيناه ﴿حُكْماً وَعِلْماً﴾ فهما ونبوة ﴿وَكَذَلِكَ﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ بالْقَوْل وَالْفِعْل بِالْعلمِ وَالْحكمَة
﴿وَرَاوَدَتْهُ﴾ طلبته ﴿الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ﴾ أَن تستمكن من نَفسه ﴿وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَاب﴾ عَلَيْهَا وعَلى يُوسُف ﴿وَقَالَتْ﴾ ليوسف ﴿هَيْتَ لَكَ﴾ هَلُمَّ أَنا لَك وَيُقَال تَعَالَى أَنا لَك وَيُقَال تهيأت لَك مَعْنَاهُ إِن قَرَأت بِنصب الْهَاء وَالتَّاء هَلُمَّ لَك وَإِن قَرَأت بِكَسْر الْهَاء وَضم التَّاء والهمزة تهيأت لَك وَإِن قَرَأت بِنصب الْهَاء وَرفع التَّاء تَعَالَى أَنا لَك ﴿قَالَ﴾ يُوسُف ﴿مَعَاذَ الله﴾ أعوذ بِاللَّه من هَذَا الْأَمر ﴿إِنَّهُ رَبِّي﴾ سَيِّدي الْعَزِيز ﴿أَحْسَنَ مَثْوَايَ﴾ قدري ومنزلتي لَا أخونه فِي أَهله ﴿إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ﴾ لَا يَأْمَن وَلَا ينجو ﴿الظَّالِمُونَ﴾ الزانون من عَذَاب الله
﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ﴾ الْمَرْأَة ﴿وَهَمَّ بِهَا﴾ يُوسُف ﴿لَوْلَا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ﴾ عَذَاب ربه لَازِما على نَفسه وَيُقَال رأى صُورَة أَبِيه وَيُقَال لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه لَهُم مقدم ومؤخر ﴿كَذَلِك﴾ هَكَذَا ﴿لنصرف عَنهُ السوء﴾ الْقَبِيح ﴿والفحشآء﴾ يَعْنِي الزِّنَا ﴿إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا المخلصين﴾ المعصومين من الزِّنَا
﴿واستبقا الْبَاب﴾ تبادرا إِلَى الْبَاب أَرَادَ يُوسُف ليخرج وأرادت الْمَرْأَة لتغلق الْبَاب على يُوسُف فسبقته الْمَرْأَة ﴿وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ﴾ شقَّتْ قَمِيص يُوسُف نِصْفَيْنِ ﴿مِن دُبُرٍ﴾ من الْخلف من وَسطه إِلَى قَدَمَيْهِ ﴿وَأَلْفَيَا﴾ ووجدا ﴿سَيِّدَهَا﴾ زوج الْمَرْأَة وَيُقَال ابْن عَمها ﴿لَدَى الْبَاب﴾ عِنْد الْبَاب ﴿قَالَتْ﴾ الْمَرْأَة لزَوجهَا ﴿مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بأهلك سوءا﴾ زنا ﴿إِلاَّ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ أَو يضْرب ضربا وجيعاً
﴿قَالَ﴾ يُوسُف ﴿هِيَ رَاوَدَتْنِي عَن نَّفْسِي﴾ هِيَ دعتني وَطلبت أَن تستمكن من نَفسِي ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ﴾ حكم حَاكم ﴿مِّنْ أَهْلِهَآ﴾ وَهُوَ أَخُوهَا وَيُقَال ابْن عَمها