﴿وَقَالَ الآخر﴾ وَهُوَ الخباز ﴿إِنِّي أَرَانِي﴾ رَأَيْت نَفسِي ﴿أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً تَأْكُلُ الطير مِنْهُ﴾ وَكَانَ رُؤْيَاهُ أَنه رأى فِي مَنَامه كَأَنَّهُ يخرج من مطبخ الْملك وعَلى رَأسه ثَلَاث سلال من الْخبز فَوَقع طير على أَعْلَاهَا وَأكل مِنْهَا فَقَالَ لَهُ يُوسُف بئس مَا رَأَيْت أما خُرُوجك من المطبخ فَهُوَ أَن تخرج من عَمَلك وَأما ثَلَاث سلال فَهِيَ ثَلَاثَة أَيَّام تكون فِي السجْن وَأما أكل الطير من رَأسك فَهُوَ أَن يخْرجك الْملك بعد ثَلَاثَة أَيَّام ويصلبك وتأكل الطير من رَأسك وَقَالَ قبل تَعْبِيره ﴿نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ أخبرنَا بِتَأْوِيل رؤيانا ﴿إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ﴾ إِلَى أهل السجْن وَيُقَال من الصَّادِقين فِيمَا تَقول
﴿قَالَ﴾ لَهما يُوسُف وَأَرَادَ أَن يعلمهما علمه بتعبير الرُّؤْيَا ﴿لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ﴾ تطعمانه ﴿إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ﴾ بلونه وجنسه ﴿قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا﴾ كَيفَ لَا أعلم تَعْبِير رؤياكما ﴿ذلكما﴾ التَّعْبِير ﴿مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ﴾ لم أتبع دين قوم ﴿لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّه وَهُمْ بِالآخِرَة﴾ بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿هُمْ كافرون﴾ جاحدون
﴿وَاتَّبَعت مِلَّةَ آبآئي﴾ اسْتَقَمْت على دين آبَائِي ﴿إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَآ﴾ مَا جَازَ لنا ﴿أَن نُّشْرِكَ بِاللَّه مِن شَيْءٍ﴾ شيأ من الْأَصْنَام ﴿ذَلِك﴾ الدّين الْقيم النُّبُوَّة وَالْإِسْلَام اللَّذَان أكرمنا الله بهما ﴿مِن فَضْلِ الله عَلَيْنَا﴾ منّ من الله علينا ﴿وَعَلَى النَّاس﴾ بإرسالنا إِلَيْهِم وَيُقَال على الْمُؤمنِينَ بِالْإِيمَان ﴿وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاس﴾ أهل مصر ﴿لاَ يَشْكُرُونَ﴾ لَا يُؤمنُونَ بذلك
﴿يَا صَاحِبي السجْن﴾ قَالَ هَذَا للسجان وَلأَهل السجْن ﴿أأرباب مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ﴾ يَقُول أعبادة آلِهَة شَتَّى خير ﴿أَمِ الله الْوَاحِد القهار﴾ أم عبَادَة الله الْوَاحِد بِلَا ولد وَلَا شريك القهار الْغَالِب على خلقه
﴿مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ﴾ من دون الله ﴿إِلاَّ أَسْمَآءً﴾ أصناماً أَمْوَاتًا ﴿سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَآبَآؤُكُمْ﴾ الْآلهَة ﴿مَّآ أَنزَلَ الله بِهَا﴾ بعبادتكم لَهَا ﴿مِن سُلْطَانٍ﴾ من كتاب وَلَا حجَّة ﴿إِنِ الحكم﴾ مَا الحكم بِالْأَمر وَالنَّهْي وَيُقَال مَا الْقَضَاء فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة ﴿إِلاَّ لِلَّهِ أَمَرَ﴾ فِي الْكتب كلهَا ﴿أَلاَّ تعبدوا﴾ أَن لَا توحدوا ﴿إِلاَّ إِيَّاهُ﴾ إِلَّا الله ﴿ذَلِك﴾ التَّوْحِيد ﴿الدّين الْقيم﴾ وَهُوَ الدّين الْقَائِم الَّذِي يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام ﴿وَلَكِن أَكْثَرَ النَّاس﴾ أهل مصر ﴿لاَ يَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك وَلَا يصدقون
ثمَّ بَين تَعْبِير رُؤْيا الفتيين فَقَالَ ﴿يَا صَاحِبي السجْن أَمَّآ أَحَدُكُمَا﴾ وَهُوَ الساقي فَيرجع إِلَى مَكَانَهُ وسلطانه الَّذِي كَانَ فِيهِ ﴿فَيَسْقِي رَبَّهُ﴾ سَيّده الْملك ﴿خَمْراً وَأَمَّا الآخر﴾ وَهُوَ الخباز يخرج من السجْن ﴿فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطير مِن رَّأْسِهِ﴾ ففزعا لتعبير رُؤْيا الخباز وَقَالا جَمِيعًا مَا رَأينَا شَيْئا قَالَ لَهما يُوسُف ﴿قُضِيَ الْأَمر الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ﴾ تَسْأَلَانِ فَكَمَا قلتما وَقلت لَكمَا كَذَلِك يكون رَأَيْتُمَا أَو لم تريا
﴿وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ﴾ علم ﴿أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا﴾ من السجْن وَالْقَتْل وَهُوَ الساقي ﴿اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ﴾ عِنْد سيدك الْملك أَنِّي مظلوم عدا عليَّ إخوتي فباعوني وَأَنا حر وحبست فِي السجْن وَأَنا مظلوم ﴿فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَان ذِكْرَ رَبِّهِ﴾ فأشغله الشَّيْطَان حَتَّى نسي ذكر يُوسُف عِنْد سَيّده الْملك وَيُقَال وسوس لَهُ الشَّيْطَان إِن ذكرت السجْن للْملك يرجعك إِلَى السجْن فَلذَلِك لم يذكرهُ وَيُقَال فأنساه الشَّيْطَان أنسى الشَّيْطَان يُوسُف ذكر ربه حَتَّى ترك ذكر ربه وَذكر مخلوقاً دونه ﴿فَلَبِثَ﴾ فَمَكثَ ﴿فِي السجْن بِضْعَ سِنِينَ﴾ عُقُوبَة بترك ذكر الله وَكَانَ قبل هَذَا فِي السجْن خمس سِنِين
﴿وَقَالَ الْملك إِنِّي أرى﴾ رَأَيْت فِي الْمَنَام ﴿سبع بقرات سمان﴾ خرجن من نهر ﴿يأكلهن﴾ يبتلعهن ﴿سَبْعٌ عِجَافٌ﴾ بقرات هالكات من الهزال خرجن من بعد السمان وَلم يستبن عَلَيْهِنَّ شَيْء ﴿وَسَبْعَ سُنْبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ﴾


الصفحة التالية
Icon