وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا يس وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها اثْنَتَانِ وَتسْعُونَ آيَة وكلماتها سَبْعمِائة وتسع وَعِشْرُونَ وحروفها ثَلَاثَة آلَاف حرف
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَول الْبَارِي جلّ ذكره ﴿يس﴾ يَقُول يَا إِنْسَان بلغَة السريانية
﴿وَالْقُرْآن الْحَكِيم إِنَّكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لَمِنَ الْمُرْسلين﴾ وَيُقَال قسم أقسم بِالْيَاءِ وَالسِّين وَالْقُرْآن الْحَكِيم وَأقسم بِالْقُرْآنِ الْمُحكم بالحلال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي إِنَّك يَا مُحَمَّد لمن الْمُرْسلين وَلِهَذَا كَانَ الْقسم
﴿على صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ ثَابت على دين قَائِم يرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿تَنزِيلَ الْعَزِيز﴾ يَقُول الْقُرْآن تكليم الْعَزِيز بالنقمة لمن لَا يُؤمن بِهِ ﴿الرَّحِيم﴾ لمن آمن بِهِ
﴿لِتُنذِرَ﴾ لتخوف بِالْقُرْآنِ ﴿قَوْماً﴾ يَعْنِي قُريْشًا ﴿مَّآ أُنذِرَ﴾ كَمَا أنذر ﴿آبَآؤُهُمْ﴾ وَيُقَال لم ينذر آبَاءَهُم قبلك رَسُول ﴿فَهُمْ غَافِلُونَ﴾ عَن أَمر الْآخِرَة جاحدون بهَا
﴿لَقَدْ حَقَّ القَوْل﴾ لقد وَجب القَوْل بالسخط وَالْعَذَاب ﴿على أَكْثَرِهِمْ﴾ على أهل مَكَّة أبي جهل وَأَصْحَابه ﴿فَهُمْ لاَ يُؤمِنُونَ﴾ فِي علم الله وَلَا يُرِيدُونَ أَن يُؤمنُوا فَلم يُؤمنُوا وَقتلُوا يَوْم بدر على الْكفْر
﴿إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْناقِهِمْ﴾ فِي أَيْمَانهم ﴿أَغْلاَلاً﴾ من حَدِيد ﴿فَهِىَ﴾ مغلولة مَرْدُودَة ﴿إِلَى الأذقان﴾ إِلَى اللحى ﴿فَهُم مُّقْمَحُونَ﴾ مغلولون وَيُقَال جَمعنَا أَيْمَانهم إِلَى الأذقان حِين أَرَادوا أَن يَرْجُمُوا النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ فِي الصَّلَاة فهم مقمحون مغلولون من كل خير محرومون
﴿وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ﴾ من أَمر الْآخِرَة ﴿سَدّاً﴾ غطاء ﴿ومِنْ خَلْفِهِمْ﴾ من أَمر الدُّنْيَا ﴿سَدّاً﴾ غطاء ﴿فَأغْشَيْنَاهُمْ﴾ أغشينا أبصار قُلُوبهم ﴿فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ﴾ الْحق وَالْهدى وَيُقَال وَجَعَلنَا من بَين أَيْديهم سداً سترا حَيْثُ أَرَادوا أَن يَرْجُمُوا النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ فِي الصَّلَاة فَلم يبصروا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن خَلفهم سداً سترا حَتَّى لَا يبصروا أَصْحَابه فأغشيناهم أغشينا أَبْصَارهم فهم لَا يبصرون النبى فيؤذوه
﴿وَسَوَآءُ عَلَيْهِمْ﴾ على بني مَخْزُوم أبي جهل وَأَصْحَابه ﴿أَأَنذَرْتَهُمْ﴾ خوفتهم بِالْقُرْآنِ ﴿أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ﴾ لم تخوفهم ﴿لَا يُؤمنُونَ﴾ لَا يُرِيدُونَ أَن يُؤمنُوا وَقتلُوا يَوْم بدر على الْكفْر وَنزل من قَوْله إِنَّا جعلنَا فِي اعناقهم أغلالاً إِلَى هَهُنَا فِي شَأْن أبي جهل والوليد وأصحابهما
﴿إِنَّمَا تُنذِرُ﴾ يَقُول ينفع إنذارك يَا مُحَمَّد بِالْقُرْآنِ ﴿مَنِ اتبع الذّكر﴾ يَعْنِي الْقُرْآن وَعمل بِهِ مثل أبي بكر وَأَصْحَابه ﴿وَخشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ﴾ عمل للرحمن وَإِن كَانَ لَا يرَاهُ ﴿فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ﴾ لذنوبه فِي الدُّنْيَا ﴿وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ ثَوَاب وَحسن فِي الْجنَّة
﴿إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى﴾ للبعث ﴿وَنَكْتُبُ مَاَ قَدَّمُواْ﴾ نَحْفَظ عَلَيْهِم مَا أسلفوا من الْخَيْر وَالشَّر ﴿وَآثَارَهُمْ﴾ مَا تركُوا من سنة صَالِحَة فَعمل بهَا بعد مَوْتهمْ أَو سنة سَيِّئَة فَعمل بهَا بعد مَوْتهمْ ﴿وَكُلَّ شيْءٍ﴾ من أَعْمَالهم ﴿أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُّبِينٍ﴾ كتبناه فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ
﴿وَاضْرِبْ لَهُمْ﴾ بَين لأهل مَكَّة ﴿مَّثَلاً﴾ مثل ﴿أَصْحَابَ الْقرْيَة﴾ صفة أهل أنطاكية كَيفَ أهلكناهم ﴿إِذْ جَآءَهَا المُرْسَلُونَ﴾ يَعْنِي جَاءَ إِلَيْهِم رَسُول عِيسَى شَمْعُون الصفار فَلم يُؤمنُوا بِهِ وكذبوه
﴿إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ﴾ فَأَرْسَلنَا إِلَيْهِم ﴿اثْنَيْنِ﴾ رسولين سمْعَان وثومان ﴿فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ﴾ فقويناهما بشمعون حَيْثُ صدقهما على تَبْلِيغ رسالتهما ﴿فَقَالُوا إِنَّآ إِلَيْكُم مرسلون﴾
﴿قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ﴾ آدَمِيّ ﴿مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرَّحْمَن مِن شَيْءٍ﴾ من كتاب وَلَا رَسُول ﴿إِنْ أَنتُمْ﴾ مَا أَنْتُم