﴿قَالَ قَائِل مِنْهُم﴾ من أهل الْجنَّة وَهُوَ يهودا الْمُؤمن ﴿إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ﴾ صَاحب يُقَال لَهُ أَبُو قطروس وَهُوَ أَخُوهُ
﴿يَقُول أئنك لمن المصدقين أئذا متْنا وَكُنَّا﴾ صرنا ﴿تُرَابا وعظاما﴾ بالية ﴿أئنا لَمَدِينُونَ﴾ مملوكون ومحاسبون إنكاراً مِنْهُ للبعث
﴿قَالَ﴾ لإخوته فِي الْجنَّة ﴿هَلْ أَنتُمْ مُّطَّلِعُونَ﴾ فى النَّار لَعَلَّكُمْ ترَوْنَ حَاله
﴿فَاطلع﴾ هُوَ بِنَفسِهِ ﴿فَرَآهُ﴾ فَرَأى أَخَاهُ الْكَافِر ﴿فِي سَوَآءِ الْجَحِيم﴾ فِي وسط النَّار
﴿قَالَ تالله﴾ وَالله ﴿إِن كِدتَّ﴾ قد هَمَمْت وَأَرَدْت ﴿لَتُرْدِينِ﴾ لتغوين عَن الدّين وتهلكني لَو أطعتك
﴿وَلَوْلاَ نِعْمَةُ رَبِّي﴾ منَّة رَبِّي بِالْإِيمَان وعصمته عَن الْكفْر ﴿لَكُنتُ مِنَ المحضرين﴾ من الْمُعَذَّبين مَعَك فِي النَّار ثمَّ سمع منادياً يُنَادي يَا أهل الْجنَّة ذبح الْمَوْت فَلَا موت فَيَقُول لإخوته
﴿أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ﴾ بعد مَا ذبح الْمَوْت
﴿إِلاَّ مَوْتَتَنَا الأولى﴾ بعد موتتنا فِي الدُّنْيَا فَيَقُول لَهُم نعم فَسمع منادياً يُنَادي يَا أهل النَّار أَن قد أطبقت النَّار فَلَا دُخُول فِيهَا وَلَا خُرُوج مِنْهَا فَيَقُول لإخوته ﴿وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ﴾ فِي النَّار بعد مَا أطبقت النَّار فَيَقُولُونَ لَهُ نعم
﴿إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَوْز الْعَظِيم﴾ النجَاة الوافرة فزنا بِالْجنَّةِ وَمَا فِيهَا ونجونا من النَّار وَمَا فِيهَا وَهِي قصَّة الْأَخَوَيْنِ الَّذين ذكرهمَا الله فِي سُورَة الْكَهْف أَحدهمَا مُؤمن وَهُوَ يهوذا وَالْآخر كَافِر وَهُوَ أَبُو قطروس
ثمَّ يَقُول الله لَهُ ﴿لِمِثْلِ هَذَا﴾ الخلود وَالنَّعِيم ﴿فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ﴾ فليبادر المبادرون فِي الْعَمَل الصَّالح وَيُقَال فليباذل المباذلون بِالنَّفَقَةِ فِي سَبِيل الله وَيُقَال فليجتهد المجتهدون بِالْعلمِ وَالْعِبَادَة
﴿أذلك﴾ الَّذِي ذكرت لأهل الْجنَّة من الطَّعَام وَالشرَاب ﴿خَيْرٌ نُّزُلاً﴾ طَعَاما وَشَرَابًا وثواباً للْمُؤْمِنين ﴿أَمْ شَجَرَةُ الزقوم﴾ لأبي جهل وَأَصْحَابه
﴿إِنَّا جَعَلْنَاهَا﴾ ذَكرنَاهَا ﴿فِتْنَةً﴾ بلية ﴿لِّلظَّالِمِينَ﴾ لأبي جهل وَأَصْحَابه حَيْثُ قَالُوا الزقوم هُوَ التَّمْر والزبد
﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ﴾ تنْبت فِي ﴿أَصْلِ الْجَحِيم﴾ فى وسط النَّار
﴿طلعها﴾ ثَمَرهَا ﴿كَأَنَّهُ رُؤُوس الشَّيَاطِين﴾ رُءُوس الْحَيَّات أَمْثَال الشَّيَاطِين يكون نَحْو الْيمن
﴿فَإِنَّهُمْ﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة وَسَائِر الْكفَّار ﴿لآكِلُونَ مِنْهَا﴾ من الزقوم ﴿فَمَالِئُونَ مِنْهَا﴾ من الزقوم ﴿الْبُطُون﴾
﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا﴾ من الزقوم ﴿لَشَوْباً﴾ لخلطاً ﴿مِنْ حَمِيمٍ﴾ من مَاء حَار قد انْتهى حره
﴿ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ﴾ منقلبهم ﴿لإِلَى الْجَحِيم﴾ إِلَى وسط النَّار
﴿إِنَّهُمْ أَلْفَوْاْ﴾ وجدوا ﴿آبَآءَهُمْ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿ضَآلِّينَ﴾ عَن الْحق وَالْهدى
﴿فَهُمْ على آثَارِهِمْ﴾ على دينهم ﴿يُهْرَعُونَ﴾ يسرعون ويمشون ويعملون بعملهم
﴿وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ﴾ قبل قَوْمك يَا مُحَمَّد ﴿أَكْثَرُ الْأَوَّلين﴾ من الْأُمَم الْمَاضِيَة
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ﴾ إِلَيْهِم ﴿مُّنذِرِينَ﴾ رسلًا مخوفين لَهُم فَلم يُؤمنُوا بهم فأهلكناهم
﴿فَانْظُر﴾ يَا مُحَمَّد ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ﴾ جَزَاء ﴿الْمُنْذرين﴾ لمن أنذرتهم الرُّسُل فَلم يُؤمنُوا كَيفَ أهلكناهم ثمَّ اسْتثْنى
﴿إِلَّا عباد الله المخلصين﴾ المعصومين من الْكفْر والشرك وَيُقَال المخلصين بِالْعبَادَة والتوحيد إِن قَرَأت بخفض اللَّام فَإِنَّهُم لم يكذبوهم وَلم نهلكهم
﴿وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ﴾ دَعَانَا نوح على قومه ﴿رب لَا تذر على الأَرْض من الْكَافرين ديارًا﴾ إِلَى آخر الْآيَة ﴿فَلَنِعْمَ المجيبون﴾ بِهَلَاك قومه
﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ﴾ وَمن آمن بِهِ ﴿مِنَ الكرب الْعَظِيم﴾ يَعْنِي الْغَرق
﴿وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ البَاقِينَ﴾ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَة بَنِينَ سَام وَحَام وَيَافث فَأَما سَام فَهُوَ أَبُو الْعَرَب وَمن جزائرهم وَأما حام فَهُوَ أَبُو الْحَبَش والبربر والسند وَأما يافث فَهُوَ أَبُو سَائِر النَّاس
﴿وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ﴾ على نوح ثَنَاء حسنا ﴿فِي الآخرين﴾ فِي البَاقِينَ بعد
﴿سَلاَمٌ على نُوحٍ﴾ سَلامَة وسعادة منا على نوح ﴿فِي الْعَالمين﴾ من بَين الْعَالمين فِي زَمَانه
﴿إِنَّا كَذَلِك﴾ هَكَذَا ﴿نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ﴾ بالْقَوْل وَالْفِعْل بالثناء الْحسن والنجاة