﴿وَيُرِيكُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿آيَاتِهِ﴾ عجائبه الشَّمْس وَالْقَمَر والنجوم وَاللَّيْل وَالنَّهَار وَالْجِبَال والسحاب والبحار وَغير ذَلِك وكل هَذَا من آيَات الله ﴿فَأَيَّ آيَاتِ الله﴾ أَي فَبِأَي آيَات الله ﴿تُنكِرُونَ﴾ تجحدون أَنَّهَا لَيست من الله
﴿أَفَلَمْ يَسِيرُواْ﴾ يسافروا كفار مَكَّة ﴿فِي الأَرْض فَيَنظُرُواْ﴾ ويتفكروا ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ﴾ جَزَاء ﴿الَّذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ كَيفَ أهلكناهم عِنْد تكذيبهم الرُّسُل ﴿كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ﴾ من أهل مَكَّة فِي الْعدَد ﴿وَأَشَدَّ قُوَّةً﴾ بِالْبدنِ ﴿وَآثَاراً فِي الأَرْض﴾ أَشد لَهَا طلبا وَأبْعد ذَهَابًا ﴿فَمَآ أغْنى عَنْهُم﴾ من عَذَاب الله ﴿مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾ يَقُولُونَ ويعملون فِي دينهم
﴿فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي ﴿فَرِحُواْ﴾ عجبوا ﴿بِمَا عِنْدهم من الْعلم﴾ الَّذين وَالْعَمَل وَكَانَ ذَلِك مِنْهُم ظنا بِغَيْر يَقِين ﴿وَحَاقَ﴾ نزل وَدَار ﴿بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يستهزؤون﴾ عُقُوبَة استهزائهم بالرسل
﴿فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا﴾ عذابنا لهلاكهم ﴿قَالُوا آمَنَّا بِاللَّه وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ﴾ بِاللَّه ﴿مُشْرِكِينَ﴾ وَهَذَا بِاللِّسَانِ دون الْقلب عِنْد مُعَاينَة الْعَذَاب
﴿فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا﴾ عذابنا لهلاكهم فالإيمان عِنْد المعاينة لَا ينفع وَقبل ذَلِك ينفع وَكَذَلِكَ التَّوْبَة ﴿سُنَّةَ الله﴾ هَكَذَا سيرة الله ﴿الَّتِي قَدْ خَلَتْ﴾ مَضَت ﴿فِي﴾ على ﴿عِبَادِهِ﴾ بِالْعَذَابِ عِنْد التَّكْذِيب وَيرد الْإِيمَان وَالتَّوْبَة عِنْد المعاينة ﴿وَخَسِرَ هُنَالِكَ﴾ غبن بالعقوبة عِنْد المعاينة ﴿الْكَافِرُونَ﴾ بِاللَّه
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا السَّجْدَة وهى كلهَا مَكِّيَّة
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿حم﴾ يَقُول قضى مَا هُوَ كَائِن أَي بَين وَهُوَ قسم أقسم بِهِ
﴿تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَن الرَّحِيم كِتَابٌ﴾ يَقُول هَذَا كتاب تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿فُصِّلَتْ﴾ بيّنت ﴿آيَاتُهُ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي والحلال وَالْحرَام ﴿قُرْآناً عَرَبِيّاً﴾ على مجْرى لُغَة الْعَرَب نزل الله جِبْرِيل بِهِ على مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿لقوم يعلمُونَ﴾ يصدقون بِمُحَمد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالْقُرْآن وَالْقُرْآن
﴿بَشِيراً﴾ بِالْجنَّةِ ﴿وَنَذِيراً﴾ من النَّار يبشر بِالْجنَّةِ من آمن بِالْقُرْآنِ ويخوف من النَّار من كفر بِالْقُرْآنِ ﴿فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ﴾ كفار مَكَّة عَن الْإِيمَان بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿فَهُمْ لاَ يَسْمَعُونَ﴾ لَا يصدقون بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَلَا يطيعون الله
﴿وَقَالُواْ﴾ كفار مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ﴾ فِي أغطية ﴿مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ من الْقُرْآن والتوحيد ﴿وَفِي آذانِنَا وَقْرٌ﴾ صمم لَا نسْمع قَوْلك لنا ﴿وَمِن بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حجاب﴾ ستر غطوا رُءُوسهم بالثياب ثمَّ قَالُوا يَا مُحَمَّد بَيْننَا وَبَيْنك حجاب ستر لَا نسْمع كلامك استهزاء مِنْهُم بك ﴿فاعمل﴾ فِي دينك لإلهك بهلاكنا ﴿إِنَّنَا عَامِلُونَ﴾ لِآلِهَتِنَا فِي ديننَا بهلاكك
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ﴾ آدَمِيّ ﴿مِّثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ﴾ أرسل إِلَى جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ أبلغكم ﴿أَنَّمَآ إِلَهكُم إِلَه وَاحِدٌ﴾ بِلَا ولد وَلَا شريك ﴿فاستقيموا إِلَيْهِ﴾ فاقبلوا إِلَيْهِ بِالتَّوْبَةِ من الشّرك ﴿واستغفروه﴾ وحدوه