بِالسَّيْفِ على عدوه ﴿وَتُوَقِّرُوهُ﴾ تعظموه ﴿وَتُسَبِّحُوهُ﴾ تصلوا لله ﴿بُكْرَةً وَأَصِيلاً﴾ غدْوَة وَعَشِيَّة
ثمَّ ذكر بيعَة الرضْوَان يَوْم الْحُدَيْبِيَة تَحت الشَّجَرَة وَهِي شَجَرَة السمرَة بِالْحُدَيْبِية وَكَانُوا نَحْو ألف وَخَمْسمِائة رجل بَايعُوا نَبِي الله على النصح والنصرة وَأَن لَا يَفروا فَقَالَ ﴿إِنَّ الَّذين يُبَايِعُونَكَ﴾ يَوْم الْحُدَيْبِيَة ﴿إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله﴾ كَأَنَّهُمْ يبايعون الله ﴿يَدُ الله﴾ بالثواب والنصرة ﴿فَوْقَ أَيْدِيهِمْ﴾ بِالصّدقِ وَالْوَفَاء والتمام ﴿فَمَن نَّكَثَ﴾ نقض بيعَته ﴿فَإِنَّمَا يَنكُثُ﴾ ينْقض ﴿على نَفْسِهِ﴾ عُقُوبَة ذَلِك ﴿وَمَنْ أوفى﴾ وفى ﴿بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ الله﴾ بعهده بِاللَّه بِالصّدقِ وَالْوَفَاء ﴿فَسَيُؤْتِيهِ﴾ يُعْطِيهِ ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ ثَوابًا وافراً فِي الْجنَّة فَلم ينقص مِنْهُم أحد لأَنهم كَانُوا كلهم مُخلصين وماتوا على بيعَة الرضْوَان غير رجل مِنْهُم يُقَال لَهُ جد بن قيس وَكَانَ منافقاً اخْتَبَأَ يومئذٍ تَحت إبط بعيره وَلم يدْخل فِي بيعتهم فأماته الله على نفَاقه
﴿سَيَقُولُ لَكَ الْمُخَلفُونَ﴾ من غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة ﴿مِنَ الْأَعْرَاب﴾ من بني غفار وَأسلم وَأَشْجَع وديل وَقوم من مزينة وجهينة ﴿شَغَلَتْنَآ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا﴾ عَن الْخُرُوج مَعَك إِلَى الْحُدَيْبِيَة خفنا عَلَيْهِم الضَّيْعَة فَمن ذَلِك تخلفنا عَنْك ﴿فَاسْتَغْفر لَنَا﴾ يَا رَسُول الله بتخلفنا عَنْك إِلَى غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة ﴿يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ﴾ يسْأَلُون بألسنتهم الْمَغْفِرَة ﴿مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ﴾ حَاجَة لذَلِك استغفرت لَهُم أم لم تستغفر لَهُم ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ الله﴾ فَمن يقدر لكم من عَذَاب الله ﴿شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً﴾ قتلا وهزيمة ﴿أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً﴾ نصرا وغنيمة وعافية ﴿بَلْ كَانَ الله بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ بتخلفكم عَن غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة ﴿خَبِيرا﴾
﴿بَلْ ظَنَنْتُمْ﴾ يَا معشر الْمُنَافِقين ﴿أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُول﴾ أَن لَا يرجع من الْحُدَيْبِيَة مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿والمؤمنون إِلَى أَهْلِيهِمْ﴾ إِلَى الْمَدِينَة ﴿أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِك﴾ اسْتَقر ذَلِك الظَّن ﴿فِي قُلُوبِكُمْ﴾ فَمن ذَلِك تخلفتم ﴿وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السوء﴾ أَن لَا ينصر الله نبيه ﴿وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً﴾ هلكى فَاسِدَة الْقُلُوب قاسية الْقُلُوب
﴿وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِاللَّه وَرَسُولِهِ﴾ يَقُول وَمن لم يصدق بإيمانه بِاللَّه وَرَسُوله ﴿فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ﴾ فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ﴿سَعِيراً﴾ نَارا وقوداً
﴿وَللَّه مُلْكُ السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ خَزَائِن السَّمَوَات الْمَطَر وَالْأَرْض النَّبَات ﴿يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ﴾ من الْمُؤمنِينَ على الذَّنب الْعَظِيم وَهُوَ فضل مِنْهُ ﴿وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ على الذَّنب الصَّغِير وَهُوَ عدل مِنْهُ وَيُقَال يغْفر لمن يَشَاء يكرم من يَشَاء بِالْإِيمَان وَالتَّوْبَة فيغفره ويعذب من يَشَاء يُمِيت من يَشَاء على الْكفْر والنفاق فيعذبه وَيُقَال يغْفر لمن يَشَاء من كَانَ أَهلا لذَلِك ويعذب من يشآء من كَانَ أَهلا لذَلِك ﴿وَكَانَ الله غَفُوراً﴾ لمن تَابَ من الصَّغَائِر والكبائر ﴿رَّحِيماً﴾ لمن مَاتَ على التَّوْبَة
﴿سَيَقُولُ الْمُخَلفُونَ﴾ عَن غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة يَعْنِي بني غفار وَأسلم وَأَشْجَع وقوماً من مزينة وجهينة ﴿إِذَا انطلقتم إِلَى مَغَانِمَ﴾ مَغَانِم خَيْبَر ﴿لِتَأْخُذُوهَا﴾ لتغتنموها ﴿ذَرُونَا﴾ اتركونا ﴿نَتَّبِعْكُمْ﴾ إِلَى خَيْبَر ﴿يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ﴾ يُغيرُوا ﴿كَلاَمَ الله﴾ لنَبيه حِين قَالَ لَهُ لَا تَأذن لَهُم بِالْخرُوجِ إِلَى غَزْوَة أُخْرَى بعد تخلفهم عَن غَزْوَة الْحُدَيْبِيَة ﴿قُل﴾ لَهُم لبني عَامر وديل وَأَشْجَع وَقوم من مزينة وجهينة ﴿لَّن تَتَّبِعُونَا﴾ إِلَى غَزْوَة خَيْبَر إِلَّا مطوعين لَيْسَ لكم من الْغَنِيمَة شَيْء ﴿كذلكم﴾ كَمَا قُلْنَا لكم ﴿قَالَ الله مِن قَبْلُ﴾ هَذَا هُوَ مَا ذكرنَا فِي سُورَة التَّوْبَة ﴿فَقل لن تخْرجُوا معي أبدا﴾ إِلَى آخر الْآيَة أَي لَا تَأذن لَهُم بِالْخرُوجِ إِلَى غَزْوَة أُخْرَى فَقَالُوا للْمُؤْمِنين لم يَأْمُركُمْ الله بذلك وَلَكِن تحسدوننا على الْغَنِيمَة فَأنْزل الله فِي قَوْلهم ﴿فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا﴾ على الْغَنِيمَة ﴿بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ﴾ أَمر الله ﴿إِلاَّ قَلِيلاً﴾ لَا قَلِيلا وَلَا كثيرا
﴿قُل﴾ يَا مُحَمَّد ﴿لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَاب﴾