﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ﴾ وَلِهَذَا كَانَ الْقسم يَقُول كل نفس برة أَو فاجرة ﴿لَّمَّا عَلَيْهَا﴾ يعْنى لعليها الْمِيم وَالْألف هَهُنَا صلَة وَيُقَال إِن كل نفس مَا كل نفس لما عَلَيْهَا إِلَّا عَلَيْهَا إِن قَرَأت الْمِيم بالشد ﴿حَافِظٌ﴾ يحفظ قَوْلهَا وعملها حَتَّى يَدْفَعهَا إِلَى الْمَقَابِر
﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنْسَان﴾ أَبُو طَالب ﴿مِمَّ خُلِقَ﴾ نَفسه
ثمَّ بيَّن فَقَالَ ﴿خُلِقَ﴾ نَفسه ﴿مِن مَّآءٍ دَافِقٍ﴾ مدفوق ومهراق فِي رحم الْمَرْأَة
﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب﴾ صلب الرجل ﴿والترآئب﴾ ترائب الْمَرْأَة
﴿إِنَّهُ﴾ يَعْنِي الله ﴿على رَجْعِهِ﴾ على رد ذَلِك المَاء إِلَى الإحليل ﴿لَقَادِرٌ﴾ وَيُقَال على إِعَادَته بعد الْمَوْت وإحيائه لقادر
﴿يَوْمَ تبلى السرآئر﴾ تظهر السرائر وَهُوَ على كل شَيْء وكل إِلَى الرجل لَا يُعلمهُ غَيره
﴿فَمَا لَهُ﴾ لأبي طَالب ﴿مِن قُوَّةٍ﴾ من مَنْعَة بِنَفسِهِ ﴿وَلاَ نَاصِرٍ﴾ لَا مَانع لَهُ من عَذَاب الله
﴿والسمآء ذَاتِ الرجع﴾ وَأقسم بالسماء ذَات الْمَطَر بعد الْمَطَر والسحاب بعد السَّحَاب عَاما بعد عَام
﴿وَالْأَرْض ذَاتِ الصدع﴾ بالنبات والزروع وَيُقَال ذَات الْأَوْتَاد
﴿إِنَّهُ﴾ يَعْنِي الْقُرْآن وَلِهَذَا كَانَ الْقسم ﴿لَقَوْلٌ فَصْلٌ﴾ بَيَان حق وَيُقَال حكم من الله
﴿وَمَا هوَ بِالْهَزْلِ﴾ بِالْبَاطِلِ
﴿إِنَّهُمْ﴾ يَعْنِي أهل مَكَّة ﴿يَكِيدُونَ كَيْداً﴾ يصنعون صنعا فِي كفرهم وَهُوَ صدهم النَّاس عَن مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن وَيُقَال يُرِيدُونَ قَتلك وهلاكك فِي دَار الندوة يَا مُحَمَّد
﴿وَأَكِيدُ كَيْداً﴾ وَأُرِيد قَتلهمْ يَا مُحَمَّد يَوْم بدر
﴿فَمَهِّلِ الْكَافرين﴾ فأجل الْكَافرين ﴿أَمْهِلْهُمْ﴾ أَجلهم ﴿رُوَيْداً﴾ قَلِيلا إِلَى يَوْم بدر
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الْأَعْلَى وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها تسع عشرَة كلماتها اثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ كلمة وحروفها مِائَتَان وَأَرْبَعَة وَثَمَانُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿سَبِّحِ اسْم رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ يَقُول صل يَا مُحَمَّد بِأَمْر رَبك الْأَعْلَى أَعلَى كل شَيْء وَيُقَال اذكر يَا مُحَمَّد تَوْحِيد رَبك وَيُقَال قل يَا مُحَمَّد سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى فِي السُّجُود
﴿الَّذِي خلق﴾ كل ذى روح ﴿فسوى﴾ حَلقَة باليدين وَالرّجلَيْنِ والعينين والأذنين وَسَائِر الْأَعْضَاء
﴿وَالَّذِي قَدَّرَ﴾ جعل كل ذكر وَأُنْثَى ﴿فهدى﴾ فَعرف وألهم كَيفَ يأتى الذّكر وَالْأُنْثَى وَيُقَال قدر خلقه حسنا أَو دميماُ أَو طَويلا أَو قَصِيرا وَيُقَال قدر السَّعَادَة والشقاوة لخلقه فهدى فبيَّن الْكفْر وَالْإِيمَان وَالْخَيْر والشرك
﴿وَالَّذِي أَخْرَجَ﴾ أنبت بالمطر ﴿المرعى﴾ الْكلأ الْأَخْضَر
﴿فَجَعَلَهُ﴾ بعد خضرته ﴿غُثَآءً﴾ يَابسا ﴿أحوى﴾ أسود إِذا حَال عَلَيْهِ الْحول
﴿سَنُقْرِئُكَ﴾ سنعلمك يَا مُحَمَّد الْقُرْآن وَيُقَال سيقرأ عَلَيْك جِبْرِيل الْقُرْآن ﴿فَلاَ تنسى﴾
﴿إِلاَّ مَا شَآءَ الله﴾ وَقد شَاءَ الله لَا تنسى فَلم ينس النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك شَيْئا من الْقُرْآن ﴿إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْر﴾ الْعَلَانِيَة من القَوْل وَالْفِعْل ﴿وَمَا يخفى﴾ مَا أُخْفِي من السِّرّ مِمَّا لم تحدث بِهِ نَفسك بعد
﴿وَنُيَسِّرُكَ لليسرى﴾ سنهون عَلَيْك تَبْلِيغ الرسَالَة وَسَائِر الطَّاعَات
﴿فَذَكِّرْ﴾ عظ بِالْقُرْآنِ وَبِاللَّهِ ﴿إِن نَّفَعَتِ الذكرى﴾ يَقُول لَا تَنْفَع العظة بِالْقُرْآنِ وَبِاللَّهِ إِلَّا من يخْشَى من الله وَهُوَ الْمُؤمن
﴿سَيَذَّكَّرُ﴾ سيتعظ بِالْقُرْآنِ وَبِاللَّهِ ﴿مَن يخْشَى﴾ الله وَهُوَ الْمُسلم
﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ يتباعد ويتزحزح عَن العظة بِالْقُرْآنِ وَبِاللَّهِ ﴿الأشقى﴾ الشقي فِي علم الله
﴿الذى يَصْلَى النَّار﴾ يدْخل النَّار فِي الْآخِرَة ﴿الْكُبْرَى﴾ الْعُظْمَى وَلَيْسَ شَيْء من الْعَذَاب أكبر من النَّار
﴿ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا﴾ فِي النَّار فيستريح ﴿وَلَا يحيى﴾ حَيَاة تَنْفَعهُ
﴿قَدْ أَفْلَحَ﴾ قد فَازَ وَنَجَا ﴿مَن تزكّى﴾ من اتعظ بِالْقُرْآنِ ووحد الله
﴿وَذَكَرَ اسْم﴾ أَمر ﴿رَبِّهِ﴾ بالصلوات الْخمس وَغَيرهَا ﴿فصلى﴾ الصَّلَوَات الْخمس فِي الْجَمَاعَة وَلها وَجه آخر قد أَفْلح وفاز وَنَجَا من تزكّى من تصدق بِصَدقَة الْفطر قبل خُرُوجه إِلَى الْمصلى وَذكر اسْم ربه هلله وَكبره فِي الذّهاب والمجيء فصلى صَلَاة الْعِيد مَعَ الإِمَام