﴿وَلاَ يَأْمُرَكُمْ﴾ يَا معشر قُرَيْش وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلَائِكَة﴾ بَنَات الله ﴿والنبيين أَرْبَاباً أيأمركم بالْكفْر﴾ كَيفَ أَمركُم إِبْرَاهِيم بالْكفْر ﴿بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ﴾ بعد إِذْ أَمركُم بِالْإِسْلَامِ فَقَالَ إِن الله اصْطفى لكم الدّين فَلَا تموتن إِلَّا وَأَنْتُم مُسلمُونَ يَقُول مَا بعث الله رَسُولا إِلَّا أَمر ذَلِك الرَّسُول بِالْإِسْلَامِ لَا باليهودية والنصرانية وَعبادَة الْأَصْنَام كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ الْكفَّار وَيُقَال نزلت هَذِه الْآيَة فِي مقَالَة الْيَهُود لمُحَمد تَأْمُرنَا أَن نحبك ونعبدك كَمَا عبدت النَّصَارَى الْمَسِيح وَكَذَلِكَ قَالَت النَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ
ثمَّ بَين الله ميثاقه يَوْم تلى على النَّبِيين فِي مُحَمَّد ونعته وَصفته فَقَالَ ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ النَّبِيين﴾ يَقُول أَخذ الْمِيثَاق على النَّبِيين أَن يبين بَعضهم لبَعض صفة مُحَمَّد ونعته وفضله ﴿لَمَآ آتَيْتُكُم﴾ يَقُول حِين أَعطيتكُم ﴿مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ﴾ فِيهِ الْحَلَال وَالْحرَام ﴿ثُمَّ﴾ تأخذون أَيْضا على أمتكُم أَن إِذا ﴿جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ﴾ مُوَافق بِالتَّوْحِيدِ ﴿لِّمَا مَعَكُمْ﴾ من الْكتاب ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ﴾ يَقُول لتقرن بِهِ وبفضله ﴿وَلَتَنصُرُنَّهُ﴾ بِالسَّيْفِ على أعدائه وببيان صفته ﴿قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ﴾ قَالَ الله لَهُم أقبلتم ﴿وَأَخَذْتُمْ على ذَلِكُم﴾ مَا قلت ﴿إِصْرِي﴾ عهدي ﴿قَالُوا﴾ أَي النَّبِيُّونَ ﴿أَقْرَرْنَا﴾ قبلنَا ﴿قَالَ﴾ الله ﴿فَاشْهَدُوا﴾ على ذَلِكُم ﴿وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ الشَّاهِدين﴾ على ذَلِك فَأشْهد الله بَعضهم على بعض بذلك وَشهد هُوَ بِنَفسِهِ على ذَلِك فَبين كل نَبِي لأمته ذَلِك وَأشْهد كل نَبِي أمته بَعضهم على بعض بذلك وَشهد كل نَبِي بِنَفسِهِ على ذَلِك
﴿فَمَنْ تولى﴾ من الْأُمَم ﴿بَعْدَ ذَلِك﴾ عَن الْمِيثَاق ﴿فَأُولَئِك هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ الناقضون الْكَافِرُونَ
ثمَّ ذكر خُصُومَة الْيَهُود وَالنَّصَارَى وسؤالهم النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم اينا على دين إِبْرَاهِيم فَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كلا الْفَرِيقَيْنِ بريئان من دين إِبْرَاهِيم فَقَالُوا لَا نرضى بذلك فَقَالَ الله ﴿أَفَغَيْرَ دِينِ الله﴾ الْإِسْلَام ﴿يَبْغُونَ﴾ يطْلبُونَ عنْدك ﴿وَلَهُ أَسْلَمَ﴾ أقرّ بِالْإِسْلَامِ والتوحيد ﴿مَن فِي السَّمَاوَات﴾ من الْمَلَائِكَة ﴿وَالْأَرْض﴾ من الْمُؤمنِينَ ﴿طَوْعاً﴾ أهل السَّمَوَات بالطوع ﴿وَكَرْهاً﴾ أهل الأَرْض بالكره وَيُقَال المخلصون بالطوع والمنافقون بالكره وَيُقَال الَّذين ولدُوا فِي الْإِسْلَام بالطوع وَالَّذين أدخلُوا فِي الْإِسْلَام بِالسَّيْفِ بالكره ﴿وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ بعد الْمَوْت
ثمَّ بَين حكم الْإِيمَان لكَي يكون دلَالَة لَهُم إِلَى الْإِيمَان فَقَالَ ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿آمَنَّا بِاللَّه﴾ وَحده لَا شريك لَهُ ﴿وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا﴾ وَبِمَا أنزل علينا الْقُرْآن ﴿وَمَآ أُنزِلَ على إِبْرَاهِيمَ﴾ بإبراهيم وَكتابه ﴿وَإِسْمَاعِيلَ﴾ وَكتابه ﴿وَإِسْحَاقَ﴾ وَكتابه ﴿وَيَعْقُوبَ﴾ وَكتابه ﴿والأسباط﴾ أَوْلَاد يَعْقُوب وكتابهم ﴿وَمَا أُوتِيَ﴾ أعطي ﴿مُوسَى﴾ بمُوسَى وَكتابه ﴿وَعِيسَى﴾ بِعِيسَى وَكتابه ﴿والنبيون﴾ بجملة النَّبِيين وكتابهم ﴿مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ﴾ لَا نكفر بِأحد من الْأَنْبِيَاء وَيُقَال لَا نفرق بَينهم وَبَين الله بِالنُّبُوَّةِ وَالْإِسْلَام ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ مقرون لَهُ بِالْعبَادَة والتوحيد مخلصون لَهُ بِالدينِ
﴿وَمَن يَبْتَغِ﴾ يطْلب ﴿غَيْرَ الْإِسْلَام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة مِنَ الخاسرين﴾ من المغبونين بذهاب الْجنَّة وَمَا فِيهَا وَلُزُوم النَّار وَمَا فِيهَا
﴿كَيْفَ يَهْدِي الله﴾ لدينِهِ ﴿قَوْماً كَفَرُواْ﴾ بِاللَّه ﴿بَعْدَ إِيمَانِهِمْ﴾ بِاللَّه ﴿وشهدوا أَنَّ الرَّسُول﴾ مُحَمَّدًا ﴿حَقٌّ وَجَآءَهُمُ الْبَينَات﴾ الْبَيَان وَالْكتاب ﴿وَالله لاَ يَهْدِي الْقَوْم الظَّالِمين﴾ الْمُشْركين بِدِينِهِ من لم يكن أَهلا لذَلِك
﴿أُولَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ الله﴾ عَذَاب الله ﴿وَالْمَلَائِكَة﴾ ولعنة الْمَلَائِكَة ﴿وَالنَّاس أَجْمَعِينَ﴾ ولعنة الْمُؤمنِينَ
﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ فِي اللَّعْنَة ﴿لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَاب وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ﴾ يؤجلون من الْعَذَاب
﴿إِلاَّ الَّذين تَابُواْ﴾ من الْكفْر والشرك ﴿مِن بَعْدِ ذَلِك﴾ من بعد الارتداد ﴿وَأَصْلَحُواْ﴾ وحدوا الله بالإخلاص ﴿فَإِنَّ الله غَفُورٌ﴾


الصفحة التالية
Icon