يَعْنِي كَعْبًا وَأَصْحَابه ﴿يَرُدُّوكُمْ على أَعْقَابِكُمْ﴾ يرجعوكم إِلَى دينكُمْ الأول الْكفْر ﴿فَتَنقَلِبُواْ﴾ فترجعوا ﴿خَاسِرِينَ﴾ مغبونين بذهاب الدُّنْيَا وَالْآخِرَة والعقوبة من الله
﴿بَلِ الله مَوْلاَكُمْ﴾ حافظكم ولاكم على ذَلِك وينصركم عَلَيْهِم ﴿وَهُوَ خَيْرُ الناصرين﴾ أقوى الناصرين بالنصرة
ثمَّ ذكر هزيمَة الْكفَّار يَوْم أحد قَالَ ﴿سَنُلْقِي﴾ سنقذف ﴿فِي قُلُوبِ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة ﴿الرعب﴾ المخافة مِنْكُم حَتَّى انْهَزمُوا ﴿بِمَآ أَشْرَكُواْ بِاللَّه مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً﴾ كتابا وَلَا رَسُول ﴿وَمَأْوَاهُمُ﴾ منزلهم ﴿النَّار وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمين﴾ منزل الْكَافرين بالنَّار
ثمَّ ذكر وعده الْمُؤمنِينَ يَوْم أحد فَقَالَ ﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ الله وَعْدَهُ﴾ يَوْم أحد ﴿إِذْ تَحُسُّونَهُمْ﴾ تقتلونهم فِي أول الْحَرْب ﴿بِإِذْنِهِ﴾ بأَمْره ونصرته ﴿حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ﴾ جبنتم عَن قتال الْعَدو ﴿وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمر﴾ اختلفتم فِي أَمر الْحَرْب ﴿وَعَصَيْتُمْ﴾ الرَّسُول بترك المركز ﴿مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ﴾ النُّصْرَة وَالْغنيمَة ﴿مِنكُم﴾ من الرُّمَاة ﴿مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا﴾ بجهاده ووقوفه وهم الَّذين تركُوا المركز لقبل الْغَنِيمَة ﴿وَمِنْكُمْ﴾ من الرُّمَاة ﴿مَّن يُرِيدُ الْآخِرَة﴾ بجهاده ووقوفه وَهُوَ عبد الله ابْن جُبَير وَأَصْحَابه الَّذين ثبتوا مكانهم حَتَّى قتلوا ﴿ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ﴾ بالهزيمة وقلبهم عَلَيْكُم ﴿لِيَبْتَلِيَكُمْ﴾ ليختبركم بِمَعْصِيَة الرُّمَاة ﴿وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ﴾ لم يستأصلكم ﴿وَالله ذُو فَضْلٍ﴾ ذُو من ﴿عَلَى الْمُؤمنِينَ﴾ إِذْ يَسْتَأْصِلهُمْ على الرُّمَاة
ثمَّ ذكر إعراضهم عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَخَافَة عدوهم فَقَالَ ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ﴾ أَي تبعدون فِي الأَرْض وَيُقَال تصعدون الْجَبَل بعد الْهَزِيمَة ﴿وَلاَ تَلْوُونَ على أحَدٍ﴾ لَا تلتفتون إِلَى مُحَمَّد وَلَا تقفون لَهُ ﴿وَالرَّسُول﴾ مُحَمَّد ﴿يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ﴾ من خلفكم يَا معشر الْمُؤمنِينَ أَنا رَسُول الله قفوا فَلم تقفوا ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمّاً بِغَمٍّ﴾ زادكم الله غماً على غم غم إشراف خَالِد بن الْوَلِيد بغم الْقَتْل والهزيمة ﴿لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ على مَا فَاتَكُمْ﴾ من الْغَنِيمَة ﴿وَلاَ مَآ أَصَابَكُمْ﴾ ولكي لَا تحزنوا على مَا أَصَابَكُم من الْقَتْل والجراحة ﴿وَالله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ فِي الْجِهَاد والهزيمة
ثمَّ ذكر منته عَلَيْهِم فقالَ ﴿ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ الْغم أَمَنَةً﴾ من الْعَدو ﴿نُّعَاساً يغشى طَآئِفَةً﴾ أَخذ طَائِفَة ﴿مِّنْكُمْ﴾ النعاس فَنَامَ من كَانَ مِنْكُم أهل الصدْق وَالْيَقِين ﴿وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ﴾ قد أخذتهم همة أنفسهم معتب ابْن قُشَيْر الْمُنَافِق وَأَصْحَابه لم يَأْخُذهُمْ النّوم ﴿يَظُنُّونَ بِاللَّه غَيْرَ الْحق﴾ أَن لَا ينصر الله رَسُوله وَأَصْحَابه ﴿ظَنَّ الْجَاهِلِيَّة﴾ كظنهم فِي الْجَاهِلِيَّة ﴿يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمر﴾ من النُّصْرَة والدولة ﴿مِن شَيْءٍ قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّ الْأَمر﴾ الدولة والنصرة ﴿كُلَّهُ للَّهِ﴾ بيد الله ﴿يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِم﴾ يسرون فِيمَا بَينهم ﴿مَّا لَا يبدون لَك﴾ مَالا يظهرون لَك مَخَافَة الْقَتْل ﴿يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمر﴾ من الدولة والنصرة ﴿شَيْءٌ مَا قتلنَا هَا هُنَا﴾ يَا مُحَمَّد لِلْمُنَافِقين ﴿لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ﴾ فِي الْمَدِينَة ﴿لَبَرَزَ﴾ لخرج ﴿الَّذين كُتِبَ﴾ قضي ﴿عَلَيْهِمُ الْقَتْل إِلَى مَضَاجِعِهِمْ﴾ إِلَى مقتلهم ومصارعهم بِأحد ﴿وَلِيَبْتَلِيَ الله﴾ ليختبر الله ﴿مَا فِي صُدُورِكُمْ﴾ بِمَا فِي قُلُوب الْمُنَافِقين