يَعْنِي فنحَاص بن عازوراء وَأَصْحَابه ﴿إِنَّ الله فَقِيرٌ﴾ مُحْتَاج يطْلب منا الْقَرْض ﴿وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ﴾ وَلَا نحتاج إِلَى قرضه ﴿سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ﴾ سنحفظ عَلَيْهِم مَا قَالُوا فِي الْآخِرَة ﴿وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاء﴾ ونحفظ عَلَيْهِم قَتلهمْ الْأَنْبِيَاء ﴿بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ بِلَا جرم ﴿وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيق﴾ الشَّديد
﴿ذَلِك﴾ الْعَذَاب ﴿بِمَا قَدَّمَتْ﴾ عملت ﴿أَيْدِيكُمْ﴾ فِي الْيَهُودِيَّة ﴿وَأَنَّ الله لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ﴾ أَن يأخذكم بِلَا جرم
﴿الَّذين قَالُوا﴾ هم الَّذين قَالُوا يَعْنِي الْيَهُود ﴿إِنَّ الله عَهِدَ إِلَيْنَا﴾ أمرنَا فِي الْكتاب ﴿أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ﴾ أَن لَا نصدق أحدا بالرسالة ﴿حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّار﴾ يعنون حَتَّى يأتينا بِنَار تَأْكُل القربان كَمَا كَانَت فِي زمن الْأَنْبِيَاء ﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي والعلامات ﴿وَبِالَّذِي قُلْتُمْ﴾ من القربان زَكَرِيَّا وَيحيى وَعِيسَى ﴿فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ﴾ يحيى وزَكَرِيا وَقد كَانَ القربان فِي زمانهم ﴿إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ فِي مَقَالَتَكُمْ فَقَالُوا مَا قتل آبَاؤُنَا الْأَنْبِيَاء زوراً
فَقَالَ الله ﴿فَإِن كَذَّبُوكَ﴾ يَا مُحَمَّد بِمَا قلت لَهُم فَلَا تحزن بذلك ﴿فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ من قبلك﴾ كذبهمْ قَومهمْ ﴿جاؤوا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي وعلامات النُّبُوَّة ﴿والزبر﴾ وبخبر كتب الْأَوَّلين ﴿وَالْكتاب الْمُنِير﴾ الْمُبين للْحَلَال وَالْحرَام
ثمَّ ذكر مَوْتهمْ وَمَا بعد الْمَوْت فَقَالَ ﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ منفوسة ﴿ذَآئِقَةُ الْمَوْت﴾ تذوق الْمَوْت ﴿وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ﴾ توفون ﴿أُجُورَكُمْ﴾ ثَوَاب أَعمالكُم ﴿يَوْمَ الْقِيَامَة فَمَن زُحْزِحَ﴾ عزل ونحي وَأبْعد ﴿عَنِ النَّار﴾ بِالتَّوْحِيدِ وَالْعَمَل الصَّالح ﴿وَأُدْخِلَ الْجنَّة فَقَدْ فَازَ﴾ بِالْجنَّةِ وَمَا فِيهَا وَنَجَا من النَّار وَمَا فِيهَا ﴿وَما الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ لَيْسَ مَا فِي الدُّنْيَا من النَّعيم ﴿إِلاَّ مَتَاعُ الْغرُور﴾ إِلَّا كمتاع الْبَيْت فِي بَقَائِهِ مثل الخزف والزجاجة وَغير ذَلِك
ثمَّ ذكر أَذَى الْكفَّار لنَبيه ولأصحابه فَقَالَ ﴿لَتُبْلَوُنَّ﴾ لتختبرن ﴿فِي أَمْوَالِكُمْ﴾ فِي ذهَاب أَمْوَالكُم ﴿وَأَنْفُسِكُمْ﴾ وَفِيمَا يُصِيب أَنفسكُم من الْأَمْرَاض والأوجاع وَالْقَتْل وَالضَّرْب وَسَائِر البلايا ﴿وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذين أُوتُواْ الْكتاب﴾ أعْطوا الْكتاب ﴿مِن قَبْلِكُمْ﴾ يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى الشتم والطعن وَالْكذب والزور على الله ﴿وَمِنَ الَّذين أشركوا﴾ يَعْنِي مُشْركي الْعَرَب أَيْضا ﴿أَذًى كَثِيراً﴾ بالشتم وَالضَّرْب واللعن وَالْقَتْل وَالْكذب والزور على الله ﴿وَإِن تَصْبِرُواْ﴾ على أذهم ﴿وَتَتَّقُواْ﴾ مَعْصِيّة الله فِي الْأَذَى ﴿فَإِنَّ ذَلِك﴾ الصَّبْر وَالِاحْتِمَال ﴿مِنْ عَزْمِ الْأُمُور﴾ من خير الْأُمُور وحزم أُمُورهم يَعْنِي الْمُؤمنِينَ
ثمَّ ذكر ميثاقه على أهل الْكتاب فِي الْكتاب بِبَيَان صفة نبيه ونعته فَقَالَ ﴿وَإِذْ أَخَذَ الله مِيثَاقَ الَّذين أُوتُواْ الْكتاب﴾ أعْطوا الْكتاب يَعْنِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ﴿لَتُبَيِّنُنَّهُ﴾ صفة مُحَمَّد ونعته ﴿لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ﴾ لَا تكتمون صفة مُحَمَّد ونعته فِي الْكتاب ﴿فَنَبَذُوهُ﴾ فطرحوا كتاب الله وَعَهده ﴿وَرَاء﴾ خلف ﴿ظُهُورهمْ﴾ وَلم يعلمُوا بِهِ ﴿واشتروا بِهِ﴾ بكتمان صفة مُحَمَّد ونعته فِي الْكتاب ﴿ثَمَناً قَلِيلاً﴾ عرضا يَسِيرا من المأكلة ﴿فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ﴾ يختارون لأَنْفُسِهِمْ الْيَهُودِيَّة وكتمان صفة مُحَمَّد ونعته
ثمَّ ذكر طَلَبهمْ الثَّنَاء والمحمدة بِمَا لم يكن فيهم يَعْنِي الْيَهُود فَقَالَ ﴿لاَ تَحْسَبَنَّ﴾ لَا تَظنن يَا مُحَمَّد ﴿الَّذين يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوا﴾ بِمَا غير واصفة مُحَمَّد ونعته فِي الْكتاب ﴿وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ﴾ يحبونَ أَن يُقَال فيهم الْخَيْر وَلَا خير فيهم أَن يَقُولُوا هم على دين إِبْرَاهِيم ويحسنون إِلَى الْفُقَرَاء ﴿فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِمَفَازَةٍ﴾ بمباعدة ﴿مِّنَ الْعَذَاب وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾ وجيع
﴿وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾


الصفحة التالية
Icon