﴿وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ﴾ يَعْنِي التَّوْرَاة ﴿يُرِيدُونَ﴾ عِنْد الْخُصُومَة ﴿أَن يتحاكموا إِلَى الطاغوت﴾ إِلَى كَعْب بن الْأَشْرَف ﴿وَقَدْ أمروا﴾ فِي الْقُرْآن ﴿أَن يكفروا بِهِ﴾ ان يتبرءوا مِنْهُ ﴿وَيُرِيدُ الشَّيْطَان أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً﴾ عَن الْحق وَالْهدى نزلت فِي رجل من الْمُنَافِقين يُسمى بشرا الَّذِي قَتله عمر بن الْخطاب كَانَ لَهُ خُصُومَة مَعَ رجل من الْيَهُود
﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ لحاطب بن أبي بلتعة الْمُنَافِق الَّذِي كَانَ لَهُ خُصُومَة مَعَ الزبير بن الْعَوام ابْن عمَّة النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿تَعَالَوْاْ إِلَى مَآ أَنزَلَ الله﴾ إِلَى حكم مَا أنزل الله فِي الْقُرْآن ﴿وَإِلَى الرَّسُول﴾ إِلَى حكم الرَّسُول ﴿رَأَيْتَ الْمُنَافِقين﴾ يَعْنِي حَاطِب بن أبي بلتعة ﴿يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُوداً﴾ يعرضون عَن حكمك إعْرَاضًا مَعَه إِلَى الشدق
فَقَالَ ﴿فَكَيْفَ﴾ يصنعون على وَجه التَّعَجُّب ﴿إِذَآ أَصَابَتْهُمْ مُّصِيبَةٌ﴾ عُقُوبَة ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾ بلي الشدق ﴿ثمَّ جاؤوك﴾ بعد ذَلِك ﴿يحلفُونَ بِاللَّه﴾ يَعْنِي حَاطِبًا حلف بِاللَّه ﴿إِنْ أَرَدْنَآ﴾ مَا أردنَا بلي الشدق ﴿إِلاَّ إِحْسَاناً﴾ فِي الْكَلَام ﴿وَتَوْفِيقاً﴾ صَوَابا
﴿أُولَئِكَ الَّذين﴾ يَعْنِي الَّذِي لوى شدقه على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿يَعْلَمُ الله مَا فِي قُلُوبِهِمْ﴾ يَعْنِي مَا فِي قلبه من النِّفَاق وَهُوَ حَاطِب بن أبي بلتعة وَيُقَال فَكيف يصنعون أَي أهل مَسْجِد الضرار إِذا أَصَابَتْهُم مُصِيبَة عُقُوبَة بِمَا قدمت أَيْديهم ببنائهم مَسْجِد الضرار ثُمَّ جَآءُوكَ بعد ذَلِك يَحْلِفُونَ بِاللَّه يَعْنِي ثَعْلَبَة وحاطباً حلفا بِاللَّه إِن أردنَا بِبِنَاء الْمَسْجِد إِلَّا إحساناً إِلَى الْمُؤمنِينَ وتوفيقاً مُوَافقَة فِي الدّين أَن تبْعَث إِلَيْنَا فَقِيها أُولَئِكَ الَّذين بنوا مَسْجِد الضرار يعلم الله مَا فِي قُلُوبهم من النِّفَاق وَالْخلاف ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾ اتركهم وَلَا تعاقبهم فِي هَذِه الْمرة ﴿وَعِظْهُمْ﴾ بلسانك لكَي لَا يَفْعَلُوا مرّة أُخْرَى ﴿وَقُل لَّهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً﴾ تقدم إِلَيْهِم تقدماً وثيقاً فِي الْوَعيد إِن فَعلْتُمْ كَذَا أفعل بكم كَذَا
﴿وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ﴾ ذَلِك الرَّسُول ﴿بِإِذْنِ الله﴾ بِأَمْر الله لَا ليعْمَل بِخِلَاف أمره ويلوى عَلَيْهِ الشدق برد حكمه ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ﴾ يَعْنِي أهل مَسْجِد الضرار وحاطباً ﴿إِذ ظلمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ بلي الشدق وَبِنَاء مَسْجِد الضرار ﴿جاؤوك﴾ للتَّوْبَة ﴿فاستغفروا الله﴾ فتابوا إِلَى الله من صنيعهم ﴿واستغفر لَهُمُ الرَّسُول﴾ دَعَا لَهُم الرَّسُول ﴿لَوَجَدُواْ الله تَوَّاباً﴾ متجاوزاً ﴿رَّحِيماً﴾ بهم بعد التَّوْبَة
﴿فَلاَ وَرَبِّكَ﴾ أقسم بِنَفسِهِ وبعمر مُحَمَّد ﴿لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ فِي السِّرّ وَلَا يسْتَحقُّونَ اسْم الْإِيمَان فِي السِّرّ ﴿حَتَّى يُحَكِّمُوكَ﴾ حَتَّى يجعلوك حَاكما ﴿فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ﴾ فِيمَا الْتبس بَينهم وَيُقَال فِيمَا اخْتلف بَينهم من الحكم ﴿ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ فِي قُلُوبهم ﴿حَرَجاً﴾ شكا ﴿مِّمَّا قَضَيْتَ﴾ بَينهم ﴿وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً﴾ يخضعوا لَك خضوعا
﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ﴾ أَوجَبْنَا عَلَيْهِم كَمَا أَوجَبْنَا على بني إِسْرَائِيل ﴿أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَو اخْرُجُوا من دِيَاركُمْ﴾ من مَنَازِلكُمْ صفرا ﴿مَّا فَعَلُوهُ﴾ بِطيبَة النَّفس ﴿إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ﴾ من المخلصين رئيسهم ثَابت بن قيس بن شماس الْأنْصَارِيّ ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ﴾ يَعْنِي الْمُنَافِقين ﴿فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ﴾ يؤمرون ﴿بِهِ﴾ من التَّوْبَة وَالْإِخْلَاص ﴿لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ فِي الْآخِرَة مِمَّا هم عَلَيْهِ فِي السِّرّ ﴿وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً﴾ حَقِيقَة فِي الدُّنْيَا
﴿وَإِذاً﴾ لَو فعلوا مَا أمروا بِهِ ﴿لآتَيْنَاهُمْ﴾ لأعطيناهم ﴿مِّن لَّدُنَّآ﴾ من عندنَا ﴿أَجْراً عَظِيماً﴾ ثَوابًا وافراً فِي الْجنَّة
﴿وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً﴾ لثبتناهم فِي الدُّنْيَا على دين قَائِم نرضاه وَهُوَ الْإِسْلَام
﴿وَمَن يُطِعِ الله وَالرَّسُول﴾ نزلت هَذِه الْآيَة فِي ثَوْبَان مولى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لقَوْله أَخَاف أَن لَا أَلْقَاك فِي الْآخِرَة يَا رَسُول الله وَرَآهُ رَسُول الله متغيراً لَونه وَكَانَ يُحِبهُ حبا شَدِيدا لَا يكَاد يصبر عَنهُ فَذكر الله كرامته فَقَالَ ﴿وَمن يطع الله﴾ فِي الْفَرَائِض وَالرَّسُول فِي السّنَن ﴿فَأُولَئِك﴾ فِي الْجنَّة ﴿مَعَ الَّذين أَنْعَمَ الله﴾ من الله ﴿عَلَيْهِم من النَّبِيين﴾ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَغَيره ﴿وَالصديقين﴾ أفاضل أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم


الصفحة التالية
Icon