أَسْمَاءَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنَّ أُمِّي قَدِمَتْ عَلَيَّ وَهِيَ مُشْرِكَةٌ وَهِيَ رَاغِبَةٌ أَفَأَصِلُهَا؟ قَالَ: نَعَمْ. صِلِي أُمَّكِ». وَهَذَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا فِي الدِّينِ فَلَيْسَ بِقَوِيٍّ فِي مَعْنَى الْآيَةِ وَإِنَّمَا فَائِدَتُهَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَوْلِ الْأَوَّلِ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[الْآيَة الْخَامِسَة قَوْله تَعَالَى إذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ]
الْآيَةُ الْخَامِسَةُ قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [آل عمران: ٣٥] ﴿فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [آل عمران: ٣٦] فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فِي حَقِيقَةِ النَّذْرِ: وَهُوَ الْتِزَامُ الْفِعْلِ بِالْقَوْلِ مِمَّا يَكُونُ طَاعَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ الْأَعْمَالِ قُرْبَةً. وَلَا يَلْزَمُ نَذْرُ الْمُبَاحِ. وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى أَبَا إسْرَائِيلَ قَائِمًا: فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَيَصُومَ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مُرُوهُ فَلْيَصُمْ وَلْيَقْعُدْ وَلْيَسْتَظِلَّ»؛ فَأَخْبَرَهُ بِإِتْمَامِ الْعِبَادَةِ وَنَهَاهُ عَنْ فِعْلِ الْمُبَاحِ. وَأَمَّا الْمَعْصِيَةُ فَهِيَ سَاقِطَةٌ إجْمَاعًا؛ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ».


الصفحة التالية
Icon