جِئْت يَوْمًا وَمَعَهَا فِي الْحَجَلَةِ إنْسٌ، فَقُلْت: إنَّا لِلَّهِ. فَقَالَتْ: أَبَا أُمَيَّةَ، إنَّهَا أُمِّي، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: اُنْظُرْ فَإِنْ رَابَكَ شَيْءٌ مِنْهَا فَأَوْجِعْ رَأْسَهَا. قَالَ: فَصَحِبَتْنِي ثُمَّ هَلَكَتْ قَبْلِي. قَالَ: فَوَدِدْت أَنِّي قَاسَمْتهَا عُمْرِي أَوْ مِتُّ أَنَا وَهِيَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ. وَقَالَ شُرَيْحٌ:
رَأَيْت رِجَالًا يَضْرِبُونَ نِسَاءَهُمْ | فَشُلَّتْ يَمِينِي يَوْمَ أَضْرِبُ زَيْنَبَا |
[مَسْأَلَةُ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى وَاَللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤]: قِيلَ فِيهِ: تَظُنُّونَ، وَقِيلَ تَتَيَقَّنُونَ؛ وَلِكُلِّ وَجْهٍ مَعْنًى يَأْتِي بَيَانُهُ فِي تَرْكِيبِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
الْمَسْأَلَةُ التَّاسِعَةُ: قَوْلُهُ: ﴿نُشُوزَهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤]: يَعْنِي امْتِنَاعَهُنَّ مِنْكُمْ؛ عَبَّرَ عَنْهُ بِالنُّشُوزِ، وَهُوَ مِنْ النَّشَزِ: الْمُرْتَفَعُ مِنْ الْأَرْضِ، وَإِنَّ كُلَّ مَا امْتَنَعَ عَلَيْكَ فَقَدْ نَشَزَ عَنْكَ حَتَّى مَاءُ الْبِئْرِ.
الْمَسْأَلَةُ الْعَاشِرَةِ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَعِظُوهُنَّ﴾ [النساء: ٣٤]: وَهُوَ التَّذْكِيرُ بِاَللَّهِ فِي التَّرْغِيبِ لِمَا عِنْدَهُ مِنْ ثَوَابٍ، وَالتَّخْوِيفِ لِمَا لَدَيْهِ مِنْ عِقَابٍ، إلَى مَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِمَّا يُعَرِّفُهَا بِهِ مِنْ حُسْنِ الْأَدَبِ فِي إجْمَالِ الْعِشْرَةِ، وَالْوَفَاءِ بِذِمَامِ الصُّحْبَةِ، وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِ الطَّاعَةِ لِلزَّوْجِ، وَالِاعْتِرَافِ بِالدَّرَجَةِ الَّتِي لَهُ عَلَيْهَا؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ إلَى أَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا».