الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ الْيَهُودِ كَانُوا يَأْتُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُزَهِّدُونَهُمْ فِي نَفَقَةِ أَمْوَالِهِمْ فِي الدِّينِ، وَيُخَوِّفُونَهُمْ الْفَقْرَ، وَيَقُولُونَ لَهُمْ: لَا تَدْرُونَ مَا يَكُونُ؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ﴾ [النساء: ٣٧] الْآيَةَ كُلَّهَا.
وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ بَيَانَ الْبُخْلِ قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ: الْمَعْنَى أَنَّهُمْ بَخِلُوا بِأَمْوَالِهِمْ، وَأَمَرُوا غَيْرَهُمْ بِالْبُخْلِ. وَقِيلَ: بَخِلُوا بِعِلْمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي التَّوْرَاةِ، وَتَوَاصَوْا مَعَ أَحْبَارِهِمْ بِكَتْمِهِ، فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ﴾ [النساء: ٣٧]، وَهِيَ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ.
وَقِيلَ وَهِيَ
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: يَكْتُمُونَ الْغِنَى وَيَتَفَاقَرُونَ لِلنَّاسِ، لَيْسَ عِنْدَنَا وَعِنْدَهُمْ، لَيْسَ مَعَنَا وَمَعَهُمْ، وَذَلِكَ حَرَامٌ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾ [الضحى: ١١]. وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذَا أَنْعَمَ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً أَحَبَّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَيْهِ.
[الْآيَة الْمُوفِيَة ثَلَاثِينَ قَوْله تَعَالَى وَاَلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ]
ِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا} [النساء: ٣٨] قِيلَ هُمْ الْيَهُودُ، وَقِيلَ هُمْ الْمُنَافِقُونَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَبَيَانُهَا مِنْ