هَذِهِ الْآيَةَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَلِيَ وِلَايَةً أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلِيًّا فِيهَا لِنَهْيِ اللَّهِ عَنْ ذَلِكَ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَا يُخْلِصُونَ النَّصِيحَةَ، وَلَا يُؤَدُّونَ الْأَمَانَةَ، بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ.
[مَسْأَلَة ذَبَائِح نَصَارَى الْعَرَبِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَبَائِحِ نَصَارَى الْعَرَبِ، ، فَقَرَأَ: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ﴾ [المائدة: ٥١]، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مُوَضَّحًا، وَعَلَى هَذَا جَاءَ بَيَانُ تَمَامِ الْآيَةِ، ثُمَّ جَاءَتْ الْآيَةُ الْأُخْرَى عَامَّةً فِي نَفْيِ اتِّخَاذِ الْأَوْلِيَاءِ مِنْ الْكُفَّارِ أَجْمَعِينَ.
[الْآيَة الثَّامِنَة عَشْرَة قَوْله تَعَالَى وَإِذَا نَادَيْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا]
ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} [المائدة: ٥٨]. فِيهَا أَرْبَعُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: كَانَ الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ إذَا سَمِعُوا النِّدَاءَ إلَى الصَّلَاةِ وَقَعُوا فِي ذَلِكَ وَسَخِرُوا مِنْهُ؛ فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بِذَلِكَ عَنْهُمْ، وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُ الْأَذَانِ إلَّا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، أَمَّا إنَّهُ ذُكِرَتْ الْجُمُعَةُ عَلَى الِاخْتِصَاصِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ النَّصَارَى، وَكَانَ بِالْمَدِينَةِ، إذَا سَمِعَ الْمُؤَذِّنَ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ قَالَ: حُرِقَ الْكَاذِبُ، فَسَقَطَتْ فِي بَيْتِهِ شَرَارَةٌ مِنْ نَارٍ وَهُوَ نَائِمٌ، فَتَعَلَّقَتْ النَّارُ بِالْبَيْتِ فَأَحْرَقَتْهُ، وَأَحْرَقَتْ ذَلِكَ الْكَافِرَ مَعَهُ؛ فَكَانَتْ عِبْرَةً لِلْخَلْقِ. وَالْبَلَاءُ مُوَكَّلٌ بِالْمَنْطِقِ. وَقَدْ كَانُوا يُمْهِلُونَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَسْتَفْتِحُوا فَلَا يُؤَخَّرُوا بَعْدَ ذَلِكَ.