فَلَا عُذْرَ لَهُمْ فِي هَذَا لِجَوَازِ النِّسْيَانِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ [الأعلى: ٦].
وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُخْبِرًا عَنْ نَفْسِهِ: «إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ»، وَقَالَ وَقَدْ سَمِعَ قِرَاءَةَ رَجُلٍ يَقْرَأُ: «لَقَدْ أَذْكَرَنِي كَذَا وَكَذَا آيَةً كُنْت أُنْسِيتهَا».
وَقَالَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ: «تَلَاحَى رَجُلَانِ فَنَسِيتهَا».
وَقَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ نَسِيت آيَةَ كَذَا، بَلْ نُسِّيتهَا»، كَرَاهِيَةَ إضَافَةِ اللَّفْظِ إلَى الْقُرْآنِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: ١٢٦].
وَفَائِدَتُهُ: أَنَّ لَفْظَ " نَسِيت " يَنْطَلِقُ عَلَى تَرَكْت انْطِلَاقًا طِبْقِيًّا، ثُمَّ نَقُولُ فِي تَقْسِيمِ وَجْهَيْ مُتَعَلِّقِهِ سَهَوْت إذَا كَانَ تَرَكَهُ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَعَمَدْت إذَا كَانَ تَرَكَهُ عَنْ قَصْدٍ؛ وَلِذَلِكَ قَالَ عُلَمَاؤُنَا: إنَّ قَوْلَهُ: «مَنْ نَامَ عَنْ صَلَاةٍ أَوْ نَسِيَهَا فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا» عَامٌّ فِي وَجْهَيْ النِّسْيَانِ الْعَمْدِ وَالسَّهْوِ.
وَقَوْلُهُ إذَا ذَكَرَهَا: يَعْنِي أَنَّ السَّاهِيَ يَطْرَأُ عَلَيْهِ الذِّكْرُ فَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْخِطَابُ، وَأَنَّ الْعَامِدَ ذَاكِرٌ أَبَدًا فَلَا يَزَالُ الْخِطَابُ يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ أَبَدًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.


الصفحة التالية
Icon