بِالْوَسَطِ مِنْهُ، وَقَدْ بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي الرِّسَالَةِ الْحَاكِمَةِ عَلَى الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ، وَهُنَاكَ يَسْتَوْفِي النَّاظِرُ غَرَضَهُ مِنْهَا، وَاَللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ، وَبِهِ التَّوْفِيقُ.
[الْآيَة الثَّامِنَة قَوْله تَعَالَى وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ]
ِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: ١٢١].
فِيهَا عَشْرُ مَسَائِلَ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَتَى أُنَاسٌ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ أَنَأْكُلُ مَا نَقْتُلُ، وَلَا نَأْكُلُ مَا قَتَلَ اللَّهُ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ﴾ [الأنعام: ١١٨] إلَى قَوْلِهِ: ﴿لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ١٢١]».
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٨]
يَقْضِي بِدَلِيلِ الْخِطَابِ عَلَى رَأْيِ مَنْ قَرَأَ أَلَّا يُؤْكَلَ مَا لَمْ يُذْكَرْ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الْحُكْمَ وَهُوَ جَوَازُ الْأَكْلِ عَلَى أَحَدِ وَصْفَيْ الشَّيْءِ، وَهُوَ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآخَرَ بِخِلَافِهِ، بَيْدَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَيَّنَ الْحُكْمَيْنِ بِنَصَّيْنِ، وَتَكَلَّمَ فِيهِمَا بِكَلَامَيْنِ صَرِيحَيْنِ، فَقَالَ فِي الْمُقَابِلِ الثَّانِي: ﴿وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١٢١].
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَمَا لَكُمْ أَلا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ﴾ [الأنعام: ١١٩].
الْمَعْنَى: مَا الْمَانِعُ لَكُمْ مِنْ أَكْلِ مَا سَمَّيْتُمْ عَلَيْهِ رَبَّكُمْ، وَإِنْ قَتَلْتُمُوهُ بِأَيْدِيكُمْ؛ وَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكُمْ الْمُحَرَّمَ، وَأَوْضَحَ لَكُمْ الْمُحَلَّلَ، فَإِنَّ مَنْ حَرَّمَ عَلَيْك مَعْنًى خَاصِّيًّا أَبَاحَ مَا سِوَاهُ، فَكَيْفَ وَقَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الْقَتْلِ وَالتَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ وَأَكْلِهِ، فَكَيْفَ يُقَابَلُ ذَلِكَ مِنْ